للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفيه الجلوس في المسجد، ومذاكرة العلم، والاعتناء بسبب النزول؛ لما يترتب عليه من معرفة الحكم، وتفسير القرآن.

وقوله: (مَا كُنْتُ أُرَى أَنَّ الْجَهْدَ بَلَغَ مِنْكَ (١) مَا أَرَى) "أُرَى" الأولى بضم الهمزة؛ أي: أظن، و"أَرَى" الثانية بفتح الهمزة من الرؤية، والجهد بالفتح: المشقة، قال النوويّ: والضم لغة في المشقة أيضًا، وكذا حكاه عياض عن ابن دُريد، وقال صاحب "العين": بالضم الطاقة، وبالفتح المشقة، فيتعين الفتح هنا بخلاف لفظ الجهد الماضي في حديث بدء الوحي، حيث قال: "حتى بلغ مني الجهد"، فإنه محتمل للمعنيين.

وفي رواية البخاريّ: "ما كنت أُرى الوجع بلغ بك ما أَرى، أو ما كنت أرى الجهد بلغ بك"، وهو شكّ من الراوي، هل قال: الوجع، أو الجهد، وفي رواية المستملي والحمويّ: "يبلغ بك".

وقوله: (نِصْفَ صَاعٍ طَعَامًا، لِكُلِّ مِسْكِينٍ) وللبخاريّ: "لكل مسكين نصف صاع"، كررها مرتين، وللطبرانيّ: "لكل مسكين نصف صاع تمر"، ولأحمد: "نصف صاع طعام"، وفي رواية:، نصف صاع حنطة"، ورواية الحكم عن ابن أبي ليلى تقتضي أنه نصف صاع من زبيب، فإنه قال: "يطعم فرقًا من زبيب بين ستة مساكين". قال ابن حزم: لا بُدّ من ترجيح إحدى هذه الروايات؛ لأنها قصة واحدة في مقام واحد في حق رجل واحد، وقد تقدّم وجه التوفيق، وبالله تعالى الوفيق.

وقوله: (قَالَ: فَنَزَلَتْ فِيِّ خَاصَّةً، وَهِيَ لَكُمْ عَامَّةً) أشار كعب بن عُجرة - رضي الله عنه - بهذا إلى القاعدة المشهورة، وهي أن العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب، فإن الآية تنزل بسبب قضيّة شخص واحد، أو أشخاص معيَّنين، فيكون حكمها عامًّا لجميع الأمة.

والحديث متفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) وفي نسخة: "بلغ بك".