إسماعيل ابن علية، عن أيوب، قال: نُبِّئت عن سعيد، عن ابن عباس:"أن رجلًا كان واقفًا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو محرم … " الحديث. وهذا أيضًا يدخل في باب المقطوع، على مذهب الحاكم وغيره، إلا أن مسلمًا رحمه الله، لم يورده هكذا إلا بعد أن أورده من حديث حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، وأيوب، كلاهما عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - متصلًا، ثم أورد بعده حديث ابن علية الذي ذكرناه لينبّه - والله أعلم - على الاختلاف فيه على أيوب، وإذا اختلف حماد بن زيد، وغيره، في حديث أيوب بن أبي تميمة، فالقول قول حماد بن زيد، وقد روى ابن أبي خيثمة، عن يحيى بن معين، أنه قال: ليس أحد في أيوب أثبت من حماد بن زيد.
قال الرشيد رحمه الله: ولهذا قدّم مسلم في هذا الحديث طريق حماد على طريق ابن علية، والله عز وجل أعلم.
وقد أخرجه البخاري عن سليمان بن حرب، وأبو داود عن مسدد، والنسائي عن قتيبة، كلهم عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فتبيّن اتصاله، والحمد لله.
قال الجامع عفا الله عنه: خلاصة ما أشار إليه الرشيد رحمه الله أن مسلمًا رحمه الله لم يورد رواية إسماعيل ابن عليّة هذه هنا اعتمادًا عليها، بل اعتماده على رواية حماد بن زيد التي قبلها، وهي التي أخرجها البخاريّ، وأبو داود، والنسائيّ؛ إذ هي متّصلة، وأما هذه فإنما أوردها لبيان الاختلاف الواقع في إسناد هذا الحديث مع الإشارة إلى ترجيح رواية حمّاد عليها؛ إذ هو مقدّم في أيوب على غيره، وقد تقدّم هذا البحث مطوّلًا في مقدّمة "قرّة عين المحتاج"، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق (١).
[تنبيه]: رواية إسماعيل ابن عُليّة، عن أيوب هذه لم أجدها بنصّها، ولكن ساق نحوها أبو عوانة رحمه الله في "مسنده"(٢/ ٢٧٤):
(٣١١٨) - حدّثنا عليّ بن عبد الصمد، نا داود بن رُشيد، نا ابن عُليّة، نا
(١) راجع: "قرة عين المحتاج في شرح مقدّمة صحيح مسلم بن الحجاج" ١/ ١٠٨ - ١١١.