اللفظ:"ولا تخمّروا وجهه ورأسه" كما في "الجوهر النقي"، ثم أخرجه النسائيّ، من طريق خَلَف بن خليفة، عن أبي بشر بلفظ:"ولا يُغَطّى رأسه ووجهه". وإسناده على شرط مسلم، إلا أن خلفًا هذا كان اختلط في الآخر، ومن طريقه رواه ابن حزم في "حجة الوداع"، كما في "الجوهر النقيّ"، وعزاه إليه وحده، وهو قصور.
وأما قول الحافظ في "الفتح" ٤/ ٤٧ بعد أن ذكر رواية شعبة هذه من طريق مسلم: "وهذه الرواية تتعلّق بالتطيّب، لا بالكشف والتغطية، وشعبة أحفظ كلّ من روى هذا الحديث، فلعلّ بعض رواته انتقل ذهنه من التطيّب إلى التغطية".
قلت: وهذا من الحافظ أمر عجيب، فإن الطرق كلها تدلّ أن الرواية إنما تتعلّق بالكشف، لا بالتطيب، على خلاف ما حملها عليه الحافظ، وإنما غرّه رواية مسلم، وفيها تقديم، وتأخير، كما دلّ على ذلك رواية النسائيّ وغيره، فقوله:"خارج رأسه" عند مسلم جملة حالية لقوله: "وأن يكفّن في ثوبين"، لا لقوله:"ولا يمسّ طيبًا" كما توهّم الحافظ، ويؤيّد ذلك رواية شعبة نفسه فضلًا عن غيره:"ولا تخمّروا وجهه ورأسه"، فإنها صريحة فيما ذكرنا.
وجملة القول أن زيادة الوجه في الحديث ثابتة محفوظة عن سعيد بن جبير من طرق عنه، فيجب على الشافعيّة أن يأخذوا بها كما أخذ بها الإمام أحمد في رواية عنه، كما يجب على الحنفيّة أن يأخذوا بالحديث، ولا يتأوله بالتأويلات البعيدة توفيقًا بينه وبين مذهب إمامهم. انتهى كلام الشيخ الألباني، وهو تحقيق نفيس جدًّا.
والحاصل أن زيادة "وجهه" صحيحة، فيجب العمل بها، فيحرم على المحرم تغطية وجهه، ورأسه، كما هو ظاهر مذهب النسائيّ رحمه الله، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال: