وقوله:(فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ) ورُوي: "فأوقصته"، وهما صحيحان، قاله القاضي، أبو الفضل اليحصبي. قال: ولم يذكر صاحب "الأفعال" إلا "وقصه" لا غير، والوقص ههنا كسر العنق، ومعناه: أنها صرعته، فدقت عنقه، وجاء في بعض طرقه أيضًا:"فأقعصته"، ومعناه: قتلته لوقته، ورُوي:"فأقصعته" بتقديم الصاد على العين، ومعناه: فضخته، وهكذا جاء:"فأقعصته" رباعيًّا، وقال بعض العلماء: الوجه فيه أن يكون ثلاثيًّا، والله تعالى أعلم.
وقوله:(وَلَا تَمَسُّوهُ) بفتح التاء، والميم، يقال: مَسّ الماء الجسدَ، من باب تَعِبَ، مَسًّا: أصابه، ويتعدى إلى ثان بالحرف، وبالهمزة، فيقال: مسِسْتُ الجسدَ بماء، وأمسَسْتُ الجسد الماءَ، قاله في "المصباح"، فالباء في قوله (بِطِيب) للتعدية، فما وقع في شرح السيوطيّ، والسنديّ، من ضبطه بضم التاء، وكسر الميم، من الإمساس رباعيًّا فغلظ، لأن الرباعيّ يتعدى بنفسه، لا بالباء، ولفظ الرواية التالية:"ولا يُمسُّ طيبًا" بالبناء للمفعول، من الإمساس.
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال:
[٢٨٩٨]( … ) - (وَحَدَّثَنِي أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: "أَنَّ رَجُلًا وَقَصَهُ بَعِيرُهُ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُغْسَلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَلَا يُمَسَّ طيبًا، وَلَا يُخَمَّرَ رَأْسُهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّدًا").