للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المرة الثانية حدّثه بقوله: "خارج رأسه ووجهه"، فزاده: "ووجهه"، وقد تقدّم أنها زيادة صحيحة، فتنبّه.

وقوله: (مُلَبِّدًا) من التلبيد، وهو إلزاق بعض الشعر ببعض بنحو الصمغ حتى لا يتشعّث، ولا يَقْمَل، وإنما يُلبّد من يطول مُكثه في الإحرام (١).

[تنبيه]: كتب في هامش النسخة التركيّة ما نصّه: قوله: "ملبّدًا" كذا بصيغة الفاعل في نسخة معتمدة بضبط القلم مصلح بالقلم بوضع كسرة تحت الباء بعد إزالة فتحتها بالحكّ من فوقها، وهو وإن وافق نظيره الكائن من التلبية من حيث الصيغة، إلا أنه لم يوافقه في المعنى المقصود منه؛ إذ لا يَحسُن بعثه وهو يلبّد رأسه، وإنْ حوّلنا إلى صيغة المفعول يحصل التحوّل في المعنى، لكن المحصّل منه إنما هو التحوّل من الحدوث إلى البقاء، والحال أن التلبيد كما سبق إلزاق بعض الشعر ببعض بنحو الصمغ، وهو لا يبقى بعد الغسل خصوصًا مع استعمال السدر، فلعلّ الصحّة في رواية "ملبّيًا". انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: لا حاجة إلى هذه التكلفات، والحديث صحيح بلفظ "ملبّدًا"، كما هو صحيح بلفظ "ملبّيًا"، ولا غرابة في معناه، فإن الإنسان يُبعث على ما مات عليه، فإت مات ملبّدًا يُبعث ملبّدًا، ولا أثر لإزالة الغسل له بالماء والسدر؛ لأن المعتبر ما مات عليه، لا ما حصل له بعد ذلك من تغيير الغاسل له أو نحوه، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى البحث فيه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٩٠٠] ( … ) - (حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ الله، حَدَّثنا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: وَقَصَتْ رَجُلًا رَاحِلَتُهُ، وَهُوَ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَغْسِلُوهُ


(١) راجع: "النهاية" ٤/ ٢٢٤.
(٢) "صحيح مسلم" نسخة تحقيق محمد ذهني ٤/ ٢٥.