وقوله:(وَلَا تُغَطُّوا وَجْهَهُ) بضمّ التاء، وفتح الغين المعجمة، وتشديد الطاء، وأصله تُغطّيُوا، بوزن تُعَلِّموا، نُقلت ضمّة الياء التي هي لام الكلمة إلى الطاء، بعد سلب حركتها، ثم حُذفت الياء لالتقاء الساكنين، فصار تُغَطُّوا، فتنبّه.
[تنبيه]: هذا الإسناد مما استدركه الإمام الدارقطنيّ على المصنّف، فقال: إنما سمعه منصور من الحكم بن عُتيبة، وكذا أخرجه البخاريّ في "صحيحه" عن منصور، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، وهو الصواب، وقيل: عن منصور، عن سلمة ولا يصحّ. انتهى.
قال الحافظ الرشيد العطار في "غرره" بعد نقل كلام الدارقطنيّ هذا:
قلت: وقد تابع البخاريّ على إخراجه كذلك أبو داود السجستانيّ، وأبو عبد الرحمن النسائيّ، فأما أبو داود فرواه عن عثمان بن أبي شيبة، وأما النسائي، فرواه عن محمد بن قُدامة، كلاهما عن جرير، عن منصور، عن الحكم بإسناده، كما رواه البخاري، وجرير بن عبد الحميد من أعلم الناس بحديث منصور، وهذا مما يؤيد قول الدارقطني رحمه الله، إلا أن مسلمًا قدّس الله روحه، ونوّر ضريحه، قد أخرج هذا الحديث من طُرُق ثابتة، من رواية عمرو بن دينار، وأبي بشر، جعفر بن أبي وحشية، وغيرهما عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، بألفاظ أتم من حديث منصور الذي قدمناه، ثم أورد حديث منصور آخر طرق هذا الحديث، فإن ثبت انقطاعه من هذا الوجه، فقد بيّنا أنه متصل في كتاب مسلم من طرق أُخَرَ سواه، وأن البخاري وغيره قد أخرجوه في كتبهم متصلًا من حديث منصور أيضًا، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، ونحن نورده من كتب الأئمة الثلاثة ليتضح إتصاله، ثم ساق الأحاديث بإسناده، وقال: فهذه طرق هذا الحديث من الكتب الثلاثة التي ذكرناها، فقد اتّضح اتّصال وبان وجه الصواب فيه. انتهى كلام الرشيد العطّار رحمه الله، وهو بحثٌ مفيدٌ جدًّا، وقد تقدّم نقل رسالته برمّتها فيما سبق من شرح مقدّمة مسلم، فراجعه تستفد علمًا جمًّا، وبالله تعالى التوفيق.