في هذه الصورة إلى تحلل، أو يصير حلالًا بنفس المرض، فيه وجهان لهم، الذي نصّ عليه الشافعيّ أنه يصير حلالًا بنفس المرض، قال وليّ الدين: ودلالة الحديث محتملة، فإن قوله:"محلّي" يَحْتَمِل أن يكون معناه: موضع حلّي، ويحتمل أن يكون معناه: موضع إحلالي. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي الاحتمال الأول هو الظاهر، فما نصّ عليه الشافعي هو الأرجح، فتأمل، والله تعالى أعلم بالصواب.
٨ - (ومنها): أن المراد بالتحلل أن يُصَيِّر نفسه حلالًا، فلو شرط أن ينقلب حجه عمرة عند المرض، فذكر الشافعيّة أنه أولى بالصحّة من شرط التحلل، ونصّ عليه الشافعي، وإذا أجاز إبطال العبادة للعجز، فنقلها إلى عبادة أخرى أولى بالجواز.
وروى ابن خزيمة في "صحيحه"، والبيهقيّ في "سننه" من رواية يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيّب، عن ضُباعة، قالت: قلت: يا رسول الله، إني أريد الحجّ، فكيف أهلّ بالحجّ؟ قال:"قولي: اللَّهم إني أُهلّ بالحجّ إن أذنت لي به، وأعنتني عليه، ويسّرته لي، وإن حبستني فعمرة، وإن حبستني عنهما جميعًا، فمحلّي حيث حبستني".
قال الحافظ وليّ الدين: وهذه زيادة حسنة، يجب الأخذ بها، ويقال: ينبغي أن لا يجوز للحاجّ شرط التحلل منه مطلقًا، إلا مع العجز عنه، وعن العمرة، فمع القدرة على العمرة لا ينتقل للتحلّل المطلق. انتهى.
٩ - (ومنها): أنّ سبب الحديث إنما هو في التحلل بالمرض لكن قوله: "حبستني" يصدق بالحبس بالمرض، وبغيره من الأعذار كذهاب النفقة، وفراغها، وضلال الطريق، والخطإ في العدد، وقد صرّح الشافعيّة، والحنابلة بأن هذه الأعذار كالمرض في جواز شرط التحلّل بها، ومن الشافعية من خالف فيه.
١٠ - (ومنها): أن ظاهر الحديث أنه لا يجب عليه عند التحلُّل بالشرط دم؛ إذ لو وجب لذكره - صلى الله عليه وسلم -، فإنه وقت الاحتياج إليه، وبهذا صرّح الحنابلة، والظاهريّة، وهو الأصحّ عند الشافعية، ومحلّ الخلاف عندهم في حالة الإطلاق، فلو شرط التحلّل بالهدي لزمه قطعًا، وإن شرطه بلا هدي لم يلزمه قطعًا، والله تعالى أعلم.