عبد الرزاق كون رواية كلّ من هشام بن عروة، والزهريّ، من حديث عائشة - رضي الله عنها -، لا من حديث غيرها، كابن عباس - رضي الله عنهما - مثلًا، وهذا قاله إسحاق من باب التأكّد، لا اتهامًا لشيخه عبد الرزاق في روايته، والحديث أخرجه مسلم في "صحيحه" من الطريقين، كما تراه في هذا الباب.
وقوله:"لا أعلم أحدًا أسنده … إلخ" يعني أنه انفرد بإسناد هذا الحديث معمر، عن الزهريّ.
وعبارته في "الكبرى": "لا أعلم أحدًا أسند هذا الحديث، حديثَ الزهريّ غير عبد الرزاق، عن معمر". انتهى.
وهذا يفيد أيضًا أن عبد الرزاق انفرد عن معمر بإسناده، لكن مثل هذا الانفراد لا يؤثّر في صحة الحديث، فقد أخرجه الشيخان في "صحيحيهما".
وقد تقدّم عن الحافظ العراقيّ رحمه الله أنه قال في "شرح الترمذيّ": والنسائيّ لم يقل بانفراد معمر به مطلقًا، بل بانفراده به عن الزهريّ، ولا يلزم من الانفراد المقيّد الانفراد المطلق، فقد أسنده معمر، وأبو أسامة، وسفيان بن عيينة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنه -، وأسنده القاسم عنها، ولو انفرد به معمر مطلقًا لا يضرّه، وكم في "الصحيحين" من الانفراد. انتهى.
وقال في "الفتح": وقول النسائيّ هذا لا يلزم منه تضعيف طريق الزهريّ التي تفرّد بها معمر، فضلًا عن بقية الطرق؛ لأن معمرًا ثقةٌ حافظ، فلا يضرّه التفرّد، كيف؟ وقد وُجد لما رواه شواهد كثيرة. انتهى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال: