للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أعرف بما يخرج من رأسه منه، وعِيبَ عليه التدليس، وقلّ من سلم منه، وقال أحمد: كان من الحفاظ، وقال ابن معين: ليس بالقويّ، وهو صدوق يدلِّس، وقال أبو حاتم: إذا قال: حدّثنا فهو صادقٌ، لا نرتاب في صدقه وحفظه.

وقد روى الدارقطنيّ من حديث ليث بن أبي سليم، قال: حدّثني عطاء، وطاووس، ومجاهد، عن جابر، وعن ابن عمر، وابن عباس: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يطف هو وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا لعمرتهم وحجهم، وليث بن أبي سليم احتَجَّ به أهل "السنن" الأربعة، واستشهد به مسلم، وقال ابن معين: لا بأس به، وقال الدارقطنيّ: كان صاحب سنة، وإنما أنكروا عليه الجمع بين عطاء وطاووس ومجاهد حسبُ، وقال عبد الوارث: كان من أوعية العلم، وقال أحمد: مضطرب الحديث، ولكن حدّث عنه الناس، وضعّفه النسائيّ، ويحيى في رواية عنه، ومثل هذا حديثه حسنٌ، وإن لم يبلغ رتبة الصحة.

وفي "الصحيحين" عن جابر، قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عائشة، ثم وجدها تبكي، فقال: ما يبكيك؟ فقالت: قد حضتُّ، وقد حلّ الناس، ولم أحلّ، ولم أطف بالبيت، فقال: "اغتسلي، ثم أهلّي"، ففعلت، ثم وقفت المواقف، حتى إذا طهرت طافت بالكعبة، وبالصفا والمروة، ثم قال: "قد حلَلْتِ من حجك وعمرتك جميعًا".

وهذا يدل على ثلاثة أمور: أحدها: أنها كانت قارنة، والثاني: أن القارن يكفيه طواف واحد، وسعي واحد، والثالث: أنه لا يجب عليها قضاء تلك العمرة التي حاضت فيها، ثم أدخلت عليها الحجّ، وأنها لم تَرْفُض إحرام العمرة بحيضها، وإنما رفضت أعمالها، والاقتصار عليها، وعائشة لم تطف أوّلًا طواف القدوم، بل لم تطف إلا بعد التعريف، وسعت مع ذلك، فإذا كان طواف الإفاضة، والسعي الواحد بعدُ يكفي القارن، فلأن يكفيه طواف القدوم مع طواف الإفاضة، وسعيّ واحدٌ مع أحدهما بطريق الأولى، لكن عائشة تعذّر عليها الطواف الأول، فصارت قِصَّتها حجةً، فإن المرأة التي يتعذر عليها الطواف الأول، تفعل كما فعلت عائشة، تُدخل الحج على العمرة، وتصير قارنةً، ويكفيها لهما طواف الإفاضة والسعي عقيبه.