وبالسند المتصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رَحِمَهُ اللهُ - المذكور أولَ الكتاب قال:
[٢٩١٤]( … ) - (وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ الْوَدَاع، مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الْحِجَّة، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ، فَلَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ"، قَالَتْ: فَكَانَ مِنَ الْقَوْمِ مَنْ أَهَل بِعُمْرَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَهَل بِالْحَجّ، قَالَتْ: فَكُنْتُ أنا مِمَّنْ أَهَل بِعُمْرَةٍ، فَخَرَجْنَا حَتى قَدِمْنَا مَكَّةَ، فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ، وَأَنَا حَائِضٌ، لَمْ أَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِي، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ:"دَعِي عُمْرَتَك، وَانْقُضِي رَأْسَك، وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ"، قَالَتْ: فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَة، وَقَدْ قَضَى اللهُ حَجَّنَا، أَرْسَلَ مَعِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْدَفَنِي، وَخَرَجَ بِي إِلَى التنْعِيم، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ، فَقَضَى اللهُ حَجَّنَا وَعُمْرَتَنَا، وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ هَدْيٌ، وَلَا صَدَقَةٌ، وَلَا صَوْمٌ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
١ - (أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ) تقدّم قبل بابين.
٢ - (عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ) الكلابيّ، تقدّم في الباب الماضي.
٣ - (هِشَامُ) بن عروة، تقدّم قبل باب.
والباقيان ذُكرا قبله.
قال القرطبي - رَحِمَهُ اللهُ -: قولها في هذه الرواية: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ) أي: مُطِلِّين عليه، ومُشْرِفين، يقال: أوفى على ثَنِيّة كذا؛ أي: شارفها، وأَطَلَّ عليها، ولا يلزم منه أن يكون دخل فيها، وقد دلَّ على صحة هذا: قولها في الرواية الأخرى: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخمس بقين من ذي القعدة"، وكذلك كان، وقَدِم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مكة لأربع أو خمس من ذي الحجة، فأقام النبيّ - صلى الله عليه وسلم - طريقه إلى مكة تسعة أيام، أو عشرة (١).