للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و"الشَّكْرُ" بفتح الشين: الفرج، وبضمّها: الثناء بالمعروف (١).

(قَالَ) أبو ذرّ - رضي الله عنه - (قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، أَرَأَيْتَ) أي أخبرني (إِنْ ضَعَفْتُ) بضمّ العين المهملة، وفتحها، من بابي كرُمَ، ونَصَرَ (٢) (عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ؟) أي من الصناعة، أو الإعانة، أي فماذا أعمل (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("تَكُفُّ شَرَّكَ عَن النَّاسِ) أي تمنع وصول شرّك إليهم، يقال: كفّ عن الشيء يكفّ بضمّ الكاف كفًّا، من باب نصر: تركه، وكفَفْتُهُ كَفًّا: منعته، فَكَفَّ هو، يتعدَّى، ولا يتعدّى (٣).

قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: فيه دليل على أن الكفّ عن الشرّ داخل في فعل الإنسان وكسبه، ويؤجرُ عليه، ويُعاقب على تركه؛ خلافًا لبعض الأصوليين القائل: إن الترك نفيٌ محضٌ، لا يدخل تحت التكليف ولا الكسب، وهو قولٌ باطلٌ بما ذكرناه هنا، وبما بسطناه في الأصول، غير أن الثواب لا يحصل على الكف إلا مع النية والقصد، وأما مع الغفلة والذهول فلا. انتهى (٤).

(فَإِنَّهَا) أي فإن الخصلة التي هي كفّ الشرّ، وقال الطيبي: الضمير للمصدر الذي دلّ عليه الفعل، وأنّثه لتأنيث الخبر. انتهى (٥). (صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ") ولفظ البخاريّ: "تَصَدَّق بها على نفسك"، وهو: بفتح التاء والصاد المهملة الخفيفة، على حذف إحدى التاءين، والأصل تتصدق، ويجوز تشديدها على الإدغام، أي تتصدّق بهذه الصدقة على نفسك، أي تحفظها عما يُرديها، ويعود وباله عليها، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي ذرّ - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.


(١) "إكمال المعلم" ١/ ٤٠٣ - ٤٠٤، و"المفهم" ١/ ٢٧٧.
(٢) "القاموس" ص ٧٤٧.
(٣) راجع: "المصباح" ٢/ ٥٣٦.
(٤) "المفهم" ١/ ٢٧٨.
(٥) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٤٢٥.