للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأصحاب عليه، كما لو كان عليه حجة الإسلام، فحج بنيّة قضاء، أو نذر، أو تطوع، فإنه يقع عن حجة الإسلام.

وقال أبو حنيفة، وأكثر العلماء: لا يجزئ طواف الإفاضة بنيّة غيره.

قال: واعلم: أن طواف الإفاضة له أسماء، فيقال أيضًا: طواف الزيارة، وطواف الفرض والركن، وسمّاه بعض أصحابنا طواف الصَّدَر، وأنكره الجمهور، قالوا: وإنما طواف الصدر طواف الوداع. انتهى كلام النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

وعند الحنفيّة أول وقت طواف الإفاضة بعد طلوع الفجر يوم النحر، وهو في يوم النحر الأول أفضل، ويمتدّ إلى آخر العمر، فإن أخّره عن أيام النحر كُره تحريمًا، ووجب دم لترك الواجب، وهذا عند الإمكان، كذا في "الدرّ المختار".

وقال المحبّ الطبريّ: قد دلّت الأحاديث على استحباب وقوع طواف الإفاضة في يوم النحر، وأن يكون ضحوة النهار، وأول وقته عند الشافعيّة نصف الليل من ليلة النحر، بدليل حديث أم سلمة - رضي الله عنها - أنها رمت الجمرة قبل الفجر ليلة النحر، ثم مضت إلى مكة، فأفاضت. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن ما ذهب إليه الشافعيّة من أن أول وقت طواف الإفاضة من نصف ليلة النحر هو الأرجح؛ لحديث أم سلمة - رضي الله عنها - المذكور، والله تعالى أعلم.

(فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: فيه محذوف، تقديره: فأفاض، فطاف بالبيت طواف الإفاضة، ثم صلى الظهر، فحُذف ذكر الطواف؛ لدلالة الكلام عليه، وأما قوله: "فصلى بمكة الظهر"، فقد ذكر مسلم بعد هذا في أحاديث طواف الإفاضة، من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أفاض يوم النحر، فصلى الظهر بمنى".

ووجه الجمع بينهما أنه - صلى الله عليه وسلم - طاف للإفاضة قبل الزوال، ثم صلى الظهر بمكة في أول وقتها، ثم رجع إلى منى، فصلى بها الظهر مرة أخرى بأصحابه،


(١) "شرح النووي" ٨/ ١٩٢ - ١٩٣.
(٢) "المرعاة" ٩/ ٤٣.