الصحيح على إخراجه إلى حديث اختلف في الاحتجاج به؟ انتهى كلام ابن القيّم - رَحِمَهُ اللهُ - (١).
وقوله:"اتّفق أصحاب الصحاح" قد عرفت أن هذا خطأ، فلم يُخرجه البخاريّ، وإنما هو من أفراد مسلم، كحديث جابر - رضي الله عنه -، فتنبّه.
قال الجامع عفا الله عنه: عندي أنه لا حاجة إلى ترجيح بعض هذه الأحاديث على بعضها؛ لأنه لا يصار إلى الترجيح إلا عند عدم إمكان الجمع، وهنا إمكانه واضح بأنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر في المكانين، كما تقدّم عن النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -.
والحاصل أنه - صلى الله عليه وسلم - طاف طواف الإفاضة، ثم دخل وقت الظهر، فصلى الظهر بمكة في أول وقتها، ثم رجع إلى منى، فوجد الناس ينتظرونه للصلاة معه، فصلّى بهم مرّة أخرى، فبهذا تجتمع الأحاديث دون حاجة إلى ترجيح بعضها على بعض، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب.
(فَأَتَى) أي: أتى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعد فراغه من طواف الإفاضة (بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) هم العبّاس، وأولاده؛ لأن سقاية الحاجّ كانت وظيفتهم (يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ) يعني أنه مرّ عليهم، وهم ينزعون الماء من بئر زمزم، ويسقون الناس، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "يسقون على زمزم" معناه: يُغْرِفون بالدلاء، ويصبّونه في الحياض ونحوها، ويُسَبِّلونه للناس. انتهى.
(فَقَالَ:"انْزِعُوا) بكسر الزاي، من باب ضرب، من النزع، وهو الاستقاء، قال النوويّ: معناه: استقوا بالدِّلاء، وانزِعوها بالرِّشاء (بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) منادى بحذف حرف النداء؛ أي: يا بني عبد المطّلب، أو هو منصوب على الاختصاص، كما قال في "الخلاصة":
(فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ، لنَزَعْتُ مَعَكُمْ") قال القرطبي - رَحِمَهُ اللهُ -: يعني أنه لو استقى هو بيده لاقتدى الناس به في ذلك، فاستقوا بأيديهم، فتزول