للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عليه، وُصِفَ بالمصدر، ثم جُعل اسمًا، وجُمِع، فقيل: خيل أَعْرَاءٌ، مثلُ قُفْل وأَقْفالٍ، قالوا: ولا يقال: فرس عُرْيانٌ، كما لا يقال: رجل عُرْي. انتهى (١).

وقوله: (فَلَمَّا أَجَازَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: جاوز، وتعدّاه يقال: جاز المكان يجوزه جَوْزًا، وجَوَازًا بالفتح، وجِوَازًا بالكسر: سار فيه، وأجازه بالألف: قطعه (٢).

وقوله: (مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ) تقدّم أنه بفتح الميم على المشهور، وقيل: بكسرها وأنه قُزَحُ الجبل المعروف في المزدلفة، وقيل: كل المزدلفة، وأوضحنا الخلاف فيه بدلائله، وهذا الحديث ظاهر الدلالة في أنه ليس كل المزدلفة، قاله النوويّ - رحمه الله - (٣).

وقوله: (لَمْ تَشُكَّ قُرَيْش أنهُ سَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ) أي: على الوقوف بالمشعر الحرام.

وقوله: (وَيَكُونُ مَنْزِلُهُ ثَمَّ) بفتح الثاء المثلّثة، وتشديد الميم؛ أي: هناك، يعني عند المشعر الحرام.

قال النوويّ - رحمه الله -: معنى الحديث: أن قريشًا كانت قبل الإسلام تقف بالمزدلفة، وهي من الحرم، ولا يقفون بعرفات، وكان سائر العرب يقفون بعرفات، وكانت قريش تقول: نحن أهل الحرم، فلا نخرج منه، فلما حج النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ووصل المزدلفة اعتقدوا أنه يَقِف بالمزدلفة على عادة قريش، فجاوز إلى عرفات؛ لقول الله {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: ١٩٩]. أي: جمهور الناس، فإن مَن سِوَى قريش كانوا يقفون بعرفات، ويُفيضون منها.

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "فلما أجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمشعر الحرام لم تشكَّ قريشٌ … إلخ": يعني: أنهم توهَّموا أنه كان يفعل كما كانت تفعل في الجاهلية، فإنهم كانوا يَرَون لأنفسهم أنهم لا يقفون بعرفة، ولا يخرجون من الحرم، ويقفون بالمشعر الحرام بدل وقوف الناس بعرفة، وهذا مما كانوا ابتدعوه في الحج، فلما حجَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أحكم الله الحجَّ، وأزال ما ابتدعته


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٠٦.
(٢) "المصباح" ١/ ١١٤.
(٣) "شرح النوويّ" ٨/ ١٩٤ - ١٩٥.