للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سواءٌ كان من حجر، أو مَدَر، أو شعر، أو وَبَر، ومعنى الحديث: منى كلها منحر، يجوز النحر فيها، فلا تتكلفوا النحر في موضع نحري، بل يجوز لكم النحر في منازلكم من منى.

قال: قال الشافعيّ، وأصحابنا: يجوز نحر الهدي، ودماء الحيوانات في جميع الحرم، لكن الأفضل في حقّ الحاجّ النحر بمنى، وأفضل موضع منها للنحر موضع نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما قاربه، والأفضل في حق المعتمر أن ينحر في المروة؛ لأنها موضع تحلله، كما أن منى موضع تحلل الحاجّ، قالوا: ويجوز الوقوف بعرفات في أيّ جزء كان منها، وكذا يجوز الوقوف على المشعر الحرام، وفي كل جزء من أجزاء المزدلفة؛ لهذا الحديث، والله أعلم. انتهى (١).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "فانحروا في رحالكم" يعني: أنه وإن كان قد نحر في ذلك الموضع المخصوص من منى، فالنحر واسع في كل مواضعها، وهو متفق عليه، وكذلك عرفة ومزدلفة، غير أن تَوَخِّي موقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومنحره أولى تبرّكًا بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - وبآثاره، وفي حديث مالك: "عرفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن عُرَنَة"، وهو وادي عرفة، قال ابن حبيب: وفيه مسجد عرفة، وهو من الحرم، واتفق العلماء: على أنه لا يوقف فيه، واختلفوا فيمن وقف في عُرَنَة: فقال أبو مصعب: هو كمن لم يقف، وحُكي عن الشافعيّ، وقال مالك: حَجُّه صحيح وعليه دم، حكاه عنه ابن المنذر، ومن وقف في المسجد أجزأه عند مالك، وقال أصبغ: لا يجزيه، و"عُرَنة" بضم العين والراء، وذكره ابن دُرَيد بفتح الراء، وهو الصواب. انتهى (٢).

وقال الفيّوميّ - رحمه الله -: "عُرَنَةُ": موضع بين منى وعرفات، وزانُ رُطَبَةٍ، وفي لغة بضمّتين، وتصغيرها عُرينة، وبها سُمّيت القبيلة، والنسبة إليها عُرَنيّ. انتهى (٣).

وقوله: (وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِف) قال القرطبيّ - رحمه الله -: في رواية مالك: "وارتفعوا عن بطن محسِّر"، واتفق العلماء على الأخذ بهذا الحديث، وترك الوقوف به، واستحبّوا الوقوف حيث المنارة، وحيث تقف الأئمة بين الجبلين،


(١) "شرح النوويّ" ٨/ ١٩٦.
(٢) "المفهم" ٣/ ٣٤٣.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٤٠٦.