للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقيل: نزل فيه قوله تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا}، ولهذا أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في الحجة التي حجها أبو بكر - رضي الله عنه - سنة تسع أن ينادي مناديه: "أن لا يطوف بالبيت عُرْيان". انتهى (١).

وقوله: (إِلا الْحُمْسَ) تقدّم تفسيره في الحديث الماضي.

وقوله: (وَمَا وَلَدَتْ) أي وأولادهم، واختار كلمة "ما" على كلمة "مَنْ" لعمومها.

وقيل: المراد به والدهم، وهو كنانة؛ لأن الصحيح أن قريشًا هم أولاد النضر بن كنانة، وزاد معمر هنا: وكان ممن ولدت قريش: خزاعةُ، وبنو كنانة، وبنو عامر بن صعصعة، قاله في "العمدة" (٢).

وقوله: (يَبْلُغُونَ عَرَفَاتٍ) قال في "العمدة": هو عَلَم للموقف، وهو منصرف؛ إذ لا تأنيث فيها، قاله الكرمانيّ، والتحقيق فيه ما قاله الزمخشريّ:

[فإن قلت]: هلا مُنِعَت الصرف، وفيه السببان: التعريف والتأنيث؟.

[قلت]: لا يخلو التأنيث، إما أن يكون بالتاء التي في لفظها، وإما بتاء مقدرة، كما في سُعَاد فالتي في لفظها ليست للتأنيث، وإنما هي مع الألف التي قبلها علامة جمع المؤنث، ولا يصح تقدير التاء فيها؛ لأن هذه التاء لاختصاصها بجمع المؤنث مانعة من تقديرها، كما لا تقدر تاء التأنيث في بنت؛ لأن التاء التي هي بدل من الواو؛ لاختصاصها بالمؤنث كتاء التأنيث، فأبت تقديرها. انتهى.

وسُمِّيت عرفات بهذا الاسم، إما لأنها وُصِفت لإبراهيم - عليه الصلاة والسلام - فلما أبصرها عرَفها، أو لأن جبريل - عليه الصلاة والسلام - حين كان يدور به في المشاعر أراه إياها، فقال: قد عرفتُ، أو لأن آدم - عليه الصلاة والسلام - هبط من الجنة بأرض الهند، وحواء - عليه السلام - بجُدّة فالتقيا ثَمَّة، فتعارفا، أو لأن الناس يتعارفون بها، أو لأن إبراهيم - عليه السلام - عَرَف حقيقة رؤياه في ذبح ولده ثَمَّة، أو لأن الخلق يعترفون فيها بذنوبهم، أو لأن فيها جبالًا،


(١) "شرح النوويّ" ٨/ ١٩٧.
(٢) "عمدة القاري" ١٠/ ٤.