للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأشعريّ - رضي الله عنه -، وفي رواية البخاريّ المذكورة: "حدّثني أبو موسى" (قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) وفي رواية البخاريّ: "بعثني النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى قومي باليمن، فجئت، وهو بالبطحاء" (وَهُوَ مُنِيخ بِالْبَطْحَاءِ) اسم فاعل، من أناخ بعيره: إذا أبركه، أي وهو نازل بالبطحاء، وذلك في ابتداء قدومه إلى مكة.

(فَقَالَ لِي: "أَحَجَجْتَ؟ ") أي أحرمت بالحجِّ (فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: "بِمَ (١) أَهْلَلْتَ؟ ") أي: بأيّ شيء رفعت صوتك بالتلبية، فـ "ما" استفهاميّة، ولذا حُذفت ألفها؛ لدخول حرف الجرّ عليها، كما قال في "الخلاصة":

وَ"مَا" فِي الاسْتِفْهَامِ إِنْ جُرَّتْ حُذِفْ … أَلِفُهَا وَأَوْلهَا الْهَا إِنْ تَقِفْ

وفي بعض النسخ: "بما أهللت" دون حذف الألف، وهو قليل الاستعمال.

(قَالَ: قُلْتُ: لَبَّيْكَ بِإهْلَالٍ كإِهْلَالِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) "لبيك" بكاف الخطاب، أي قلت هذا اللفظ، ووقع في بعض النسخ: "لبيتُ" بتاء المتكلّم (قَالَ: "فَقَدْ أَحْسَنْتَ) أي في إهلالك هذا، وفيه جواز تعليق الإهلال بإهلال فلان، زاد في الرواية التالية: "قال: هل سقت من هدي؟، قلت: لا، قال: فطف بالبيت … " (طُفْ بِالْبَيْت، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوةِ" أي اسْعَ بينهما (وَأَحِلَّ") بقطع الهمزة، أمر من الإحلال رباعيًّا: إذا خرج من إحرامه، وفي الرواية التالية: "ثُمَّ حِلَّ" بكسر الحاء المهملة، وتشديد اللام، أمر مِن حَلّ يحلّ، ثلاثيًّا من باب ضرب، وهو بمعناه.

قال النوويّ - رحمه الله -: معنى هذا الكلام أن أبا موسى - رضي الله عنه - صار كالنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وتكون وظيفته أن يفسخ حجه إلى عمرة، فيأتي بأفعالها، وهي الطواف، والسعي، والحلق، فإذا فعل ذلك صار حلالًا، وتمّت عمرته، وإنما لم يذكر الحلق هنا؛ لأنه كان مشهورًا عندهم، ويَحْتَمِل أنه داخل في قوله: "وأَحِلَّ". انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: الاحتمال الثاني هو الحقّ، فتأمل، والله تعالى أعلم.


(١) وفي نسخة: "بما".
(٢) "شرح النوويّ" ٨/ ١٩٩.