للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ رحمه الله: أما التمتّع، فالمعروف أنه الاعتمار في أشهر الحجّ، ثمّ التحلّل من تلك العمرة، والإهلالُ بالحجّ في تلك السنة، ويُطلق التمتّع في عُرف السلف على القران أيضًا. قال ابن عبد البرّ رحمه الله: لا خلاف بين العلماء أن التمتّع المراد بقوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} الآية [البقرة: ١٩٦] أنه الاعتمار في أشهر الحجّ قبل الحجّ، قال: ومن التمتّع أيضاً القران؛ لأنه تمتّع بسقوط سفر للنسك الآخر من بلده، ومن التمتّع أيضًا فسخ الحجّ إلى العمرة. انتهى.

وقال ابن قُدامة رحمه الله في "المغني": قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من أهلّ بعمرة في أشهر الحجّ من أهل الآفاق من الميقات، وقدم مكة، ففرغ منها، وأقام بها، وحجّ من عامة أنه متمتّع، وقال أيضًا: لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في أن من اعتمر في غير أشهر الحجّ عمرة، وحلّ منها قبل أشهر الحجّ أنه لا يكون متمتّعًا، إلا قولين شاذّين: أحدهما عن طاوس أنه قال: إذا اعتمرت في غير أشهر الحج، ثم أقمت حتى الحجّ، فأنت متمتّع. والثاني: عن الحسن أنه قال: من اعتمر بعد النحر فهي متعة. قال ابن المنذر: لا نعلم أحدًا قال بواحد من هذين القولين. انتهى (١). والله تعالى أعلم بالصواب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٩٨٣] (١٢٢٧) - (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَن ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: تَمَتعَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَأَهْدَى، فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَتَمَتعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَكَانَ مِن النَّاسِ مَنْ أَهْدَى، فَسَاقَ الْهَدْيَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ


(١) راجع: "المرعاة" ٨/ ٤٥٨، ٤٥٩.