للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العمرة كونه أدخلها على الحجّ، وهو مشكل عليه؛ لأنه يقول: إن حجه كان مفردًا.

وقال بعض العلماء: ليس لمن قال: كان مفردًا عن هذا الحديث انفصال؛ لأنه إن قال به استشكل عليه كونه علّل عدم التحلّل بسوق الهدي؛ لأن عدم التحلّل لا يمتنع على من كان قارنًا عنده، قاله في "الفتح" (١).

٦ - (ومنها): أنه تمسّك به من ذهب إلى أنه -صلى الله عليه وسلم- كان في حجة الوداع متمتّعًا لكونه أقرّ على أنه محرم بعمرة، والتمتّع هو الإحرام بالعمرة في أشهر الحجّ، وطَعْنُ من طعن في قوله: "من عمرتك" غيرُ ملتفت إليه كما تقدّم، لكن هذا التمسّك ضعيف، فإنه أَبُو لم يكن إلا هذا اللفظ لاحتمل التمتّع، والقران، فتعيّن بقوله -صلى الله عليه وسلم- في رواية عبيد الله بن عمر: "حتى أحلّ من الحجّ" أنه كان قارنًا، وهو في "الصحيحين" كما تقدّم، قاله وليّ الدين رحمه الله (٢).

٧ - (ومنها): أنه تمسّك به من ذهب إلى أنه -صلى الله عليه وسلم- كان قارنًا، وهو متمسّكٌ قويّ، قال الحافظ وليّ الدين: وما أدري ما يقول من ذهب إلى التمتّع، هل يقول: استمرّ على العمرة خاصّةً، ولم يُحرم بالحجّ أصلًا، فيكون لم يحجّ في تلك السنة، وهذا لا يقوله أحد، أو أدخل عليها الحجّ، فصار قارنًا، وصحّ ما قاله هؤلاء، فإن للقران حالتين: إحداهما: أن يحرم بالنسكين ابتداء، والثاني: أن يحرم بالعمرة، ثم يدخل عليها الحجّ، وقوله في رواية عبيد الله بن عمر: "حتى أحلّ من الحجّ" صريح في أنه كان قارنًا، وقولها: "من عمرتك" أي العمرة المضمومة إلى الحجّ، قال النوويّ في "شرح مسلم": هذا دليل للمذهب الصحيح المختار أنه -صلى الله عليه وسلم- كان قارنًا في حجة الوداع. انتهى (٣)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[تنبيه]: الذاهبون إلى الإفراد أجابوا عن هذا الحديث بأجوبة:

(أحدها): أنها أرادت بالعمرة مطلق الإحرام، رَوَى البيهقيّ بإسناده عن


(١) "الفتح" ٤/ ٢١٤.
(٢) "طرح التثريب" ٥/ ٣٧.
(٣) "شرح مسلم" ٨/ ٤٣٧.