للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فات، فإن طاف بعد ذلك بنيّة طواف القدوم لم يقع عن طواف القدوم، بل يقع عن طواف الإفاضة إن لم يكن طاف للإفاضة، فإن كان طاف للإفاضة وقع الثاني تطوعًا، لا عن القدوم، ولطواف القدوم أسماء: طواف القدوم، والقادم، والورود، والوارد، والتحيّة، وليس في العمرة طواف قدوم، بل الطواف الذي يفعله فيها يقع ركنًا لها، حتى لو نوى به طواف القدوم وقع ركنأ، ولغت نيته، كما لو كان عليه حجة واجبة، فنوى حجة تطوّع، فإنها تقع واجبة، والله أعلم. انتهى (١).

قمال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما ذهب إليه الجمهور من مشروعية طواف القدوم للحاجّ هو الحقّ؛ لأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه -رضي الله عنهم- أول شيء بدءوا به هو الطواف بالبيت، كما قال ابن عمر -رضي الله عنهما-، والله سبحانه وتعالى قال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (٢١)}، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رَحِمَهُ اللهُ المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٩٩٩] ( … ) - (وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ وَبَرَةَ، قَالَ: سَأَلَ رَجُل ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما-، أَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَقَدْ أَحْرَمْتُ بِالْحَجِّ؟ فَقَالَ: وَمَا يَمْنَعُكَ؟ قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ ابْنَ فُلَانٍ يَكْرَهُهُ، وَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْهُ، رَأَيْنَاهُ قَدْ فَتَنَتْهُ الدُّنْيَا (٢)، فَقَالَ: وَأَيُّنَا، أَوْ أَيُّكُمْ لَمْ تَفْتِنْهُ الدُّنْيَا؟ ثُمَّ قَالَ: رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، وَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوةِ، فَسُنَّةُ اللهِ، وَسُنَّةُ رَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم- أَحَقُّ أَنْ تَتَّبعَ (٣) مِنْ سُنَّةِ فُلَانٍ، إِنْ كُنْتَ صَادِقًا).

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (قتيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ) تقدّم قبل باب.

٢ - (جَرِيرُ) بن عبد الحميد، تقدّم قريبًا.


(١) "شرح النوويّ" ٨/ ٢١٧، ٢١٨.
(٢) وفي نسخة: "وقد أفتنته".
(٣) وفي نسخة: "أن نتّبع".