للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: وأما محل الإشعار، فمذهبنا، ومذهب جماهير العلماء، من السلف والخلف أنه يستحب الإشعار في حفحة السنام اليمني، وقال مالك: في اليسري، وهذا الحديث يردّ عليه. انتهى.

٢ - (ومنها): استحباب سوق الهدي من الميقات.

٣ - (ومنها): استحباب تقليد الهدي، وهو أن يُجعل في عنقه ما يُستدلّ به على أنه هديٌ، وهو متفق عليه في الإبل، والبقر، واختلفوا في تقليد الغنم، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وأما تقليد الغنم، فهو مذهبنا، ومذهب العلماء كافّةً، من السلف والخلف، إلَّا مالكًا، فانه لا يقول بتقليدها، قال القاضي عياض: ولعله لَمْ يبلغه الحديث الثابت في ذلك، قال النوويّ: قد جاءت أحاديث كثيرة صحيحة بالتقليد، فهي حجة صريحة في الردّ على من خالفها، واتفقوا على أن الغنم لا تُشْعَر؛ لضعفها عن الجرح، ولأنه يستتر بالصوف، وأما البقرة فيستحب عند الشافعيّ وموافقيه الجمع فيها بين الإشعار والتقليد، كالإبل. انتهى.

٤ - (ومنها): استحباب كون ما يُقلّد به نعلين، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: في الحديث استحباب تقليد الإبل بنعلين، وهو مذهبنا، ومذهب العلماء كافّةً، فإن قلَّدها بغير ذلك، من جلود، أو خيوط مفتولة، ونحوها فلا بأس. انتهى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم إشعار الهدي:

(اعلم): أن حديث الباب يدلّ على أن الإشعار سنة، وبه قال الجمهور، ومنهم الأئمة الثلاثة. وذهب أبو حنيفة إلى أن الإشعار بدعة مكروه؛ لأنه مثلة، وتعذيب للحيوان، وهو حرام، وإنما فعله النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأن المشركين لا يمتنعون عن التعرّض للهدي إلَّا بالإشعار.

ورُدّ عليه بأن قوله هذا مخالف للأحاديث الصحيحة الواردة بالإشعار، وليس هو مُثلة، بل هو كالفصد، والحجامة، والختان، والكيّ؛ للمصلحة، وأيضًا إن تعرض المشركين في ذلك الوقت بعيد؛ لقوة الإسلام.

وقد قيل: إن كراهة أبي حنيفة له إنما كان من أهل زمانه، فإنهم كانوا