للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأحرم (١)، وإذا كان الهدي من الإبل والبقر، فلا خلاف أنه يُقَلِّد نعلًا أو نعلين، أو ما أشبه ذلك لمن لَمْ يجد النعال.

واختلفوا في تقليد الغنم، فقال مالك وأبو حنيفة: لا تقلد الغنم، وقال الشافعي، وأحمد، وأبو ثور، وداود: تقلد؛ لحديث الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، أن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أهدى إلى البيت مَرّة غنمًا، فقلّده.

واستحبوا توجيهه إلى القبلة في حين تقليده، واستحب مالك الإشعار من الجانب الأيسر؛ لما رواه عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان إذا أهدى هديًا من المدينة قلّده، وأشعره بذي الحليفة، قلّده قبل أن يشعره، وذلك في مكان واحد، وهو موجه للقبلة، يقلّده بنعلين، ويشعره من الشق الأيسر، ثم يُساق معه حتى يوقف به مع الناس بعرفة، ثم يُدفع به معهم إذا دفعوا، وإذا قَدِم منى غداة النحر نحره قبل أن يَحلِق أو يقصر، وكان هو ينحر هديه بيده، يَصُفُّهُنّ قيامًا، ويوجههن للقبلة، ثم يأكل، ويطعم.

واستحب الشافعي، وأحمد، وأبو ثور الإشعار من الجانب الأيمن (٢)؛ لحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، صلى الظهر بذي الحليفة، ثم دعا ببُدنه، فأشعرها من صفحة سنامها الأيمن، ثم سَلَتَ الدم عنها، وقلّدها بنعلين، ثم ركب راحلته، فلما استوت على البيداء أهلّ بالحج.

وأما من أين يساق الهدي؟ فإن مالكًا يرى أن من سنته أن يُساق من الحلّ، ولذلك ذهب إلى أن من اشترى الهدي بمكة، ولم يُدخله من الحل أن عليه أن يَقِفه بعرفة، وإن لَمْ يفعل فعليه البدل، وأما إن كان أدخله من الحل، فيستحب له أن يَقِفه بعرفة، وهو قول ابن عمر، وبه قال الليث. وقال الشافعي، والثوري، وأبو ثور: وقوف الهدي بعرفة سنة، ولا حرج على من لَمْ يقفه كان داخلًا من الحل أو لَمْ يكن، وقال أبو حنيفة: ليس توقيف الهدي بعرفة من السنة.


(١) حديث صحيح.
(٢) تقدّم أن هذا هو المذهب الراجح؛ لموافقته فعل النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأما فعل ابن عمر - رضي الله عنهما - فموقوف لا يعارض المرفوع، فتنبّه.