للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كليهما قبل يوم النحر، ولا خلاف عند الجمهور أن ما عُدل من الهدي بالصيام أنه يجوز حيث شاء؛ لأنه لا منفعة في ذلك، لا لأهل الحرم ولا لأهل مكة، وإنما اختلفوا في الصدقة المعدولة عن الهدي، فجمهور العلماء على أنَّها لمساكين مكة والحرم؛ لأنَّها بدل من جزاء الصيد الذي هو لهم، وقال مالك: الإطعام كالصيام يجوز بغير مكة.

وأما صفة النحر فالجمهور مجمعون على أن التسمية مستحبة فيها؛ لأنَّها ذكاة، ومنهم من استحب مع التسمية التكبير.

ويستحب للمهدي أن يلي نحر هديه بيده، وإن استخلف جاز، وكذلك فعل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في هديه، ومن سنتها أن تُنحَر قيامًا؛ لقوله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: ٣٦].

وأما ما يجوز لصاحب الهدي من الانتفاع به وبلحمه، فإن في ذلك مسائل مشهورة:

(أحدها): هل يجوز له ركوب الهدي الواجب أو التطوع؟ فذهب أهل الظاهر إلى أن ركوبه جائز، من ضرورة ومن غير ضرورة، وبعضهم أوجب ذلك، وكره جمهور فقهاء الأمصار ركوبها من غير ضرورة، والحجة للجمهور ما أخرجه مسلم والنسائيّ عن جابر - رضي الله عنه -، وقد سئل عن ركوب الهدي، فقال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "اركبها بالمعروف؛ إذا أُلجئت إليها حتى تجد ظهرًا"، ومن طريق المعنى أن الانتفاع بما قُصد به القربة إلى الله تعالى منعه مفهوم من الشريعة، وحجة أهل الظاهر ما رواه مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، رأى رجلًا يسوق بدنة، فقال: "اركبها"، فقال: يا رسول الله إنها هدي، فقال: "اركبها ويلك" في الثانية، أو الثالثة.

وأجمعوا على أن هدي التطوع إذا بلغ محله أنه يأكل منه صاحبه كسائر الناس، وأنه إذا عطب قبل أن يبلغ محله خَلّى بينه وبين الناس، ولم يأكل منه، وزاد داود: ولا يطعم منه شيئًا أهل رفقته؛ لما ثبتٌ أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بعث بالهدي مع ناجية الأسلمي، وقال له: "إن عَطِب منها شيء، فانحره، ثم اصبُغْ