للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الذي ظهر لي مما سبق كله أن الأرجح هو الذي رجحه النوويّ، والمحبّ الطبريّ، وابن القيم من أنه محمول على أنه قصر معاوية عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الجعرانة، ولا يبعد أن يكون في عمرة القضيّة، ولا يعكُر على ذلك ما مرّ عن الحاكم أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حلق فيها؛ لما تقدم في كلام الحافظ من الجمع، وأما الرواية التي تدلّ على أن ذلك كان في حجة الوداع فهي غلط من بعض الرواة، أو أن معاوية - رضي الله عنه - نفسه ظن ذلك؛ حيث نسي، كما قاله ابن القيّم - رَحِمَهُ اللهُ -، والله تعالى أعلم بالصواب.

قال ابن عبّاس - رضي الله عنهما - (فَقُلْتُ لَهُ) أي لمعاوية - رضي الله عنه - (لَا أَعْلَمُ هَذا) أي الذي ذكرته من تقصيرك عنه رأسه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " (إِلَّا حُجَّةً عَلَيْكَ) أي حيث تنهى عن المتعة، وهذا من ابن عبّاس - رضي الله عنهما - إنكارٌ على معاوية - رضي الله عنه - في نهيه عن ذلك مع أنه أخبره أنه قصّر عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهذا محمول على أن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - حمل ذلك على حجة الوداع، ولكن الصواب ما تقدّم من أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يتحلّل في حجة الوداع إلَّا يوم النحر بمني، وأما هذا فمحمول على عمرة الجعرانة، أو عمرة القضيّة، فتفطّن.

وفي رواية النسائيّ: "قال: لا، يقول ابن عبّاس: هذا معاوية ينهى الناس عن المتعة، وقد تمتّع النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "، وغرضه أيضًا الإنكارُ عليه في نهيه عن التمتع حيث خالف ما ثبتٌ عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه تمتّع، وقد عرفت أن المراد بتمتّعه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه أمر أصحابه به، فتحلّلوا بالعمرة، وأما هو فكان قارنًا لَمْ يتحلّل إلَّا يوم النحر، فتنبّه لهذا فإنه مهمّ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث معاوية - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٣٠/ ٣٠٢٢ و ٣٥٢٣] (١٢٤٦)، و (البخاريّ) في "الحجِّ" (١٧٣٠)، و (أبو داود) في "المناسك" (١٨٠٢ و ١٨٠٣)،