للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مسجدي ذي الحليفة، والمساجد التي بالرُّوحاء، يعرفها أهل تلك الناحية، وقد وقع في رواية الزبير بن بكار في "أخبار المدينة" له من طريق أخرى، عن نافع، عن ابن عمر في هذا الحديث زيادة بسط في صفة تلك المساجد.

وفي الترمذيّ من حديث عمرو بن عوف: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- صلى في وادي الروحاء، وقال: "لقد صلى في هذا المسجد سبعون نبيًّا".

[الرابع]: عُرِف من صنيع ابن عمر -رضي الله عنهما- استحباب تتبع آثار النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، والتبرك بها، وقد قال البغويّ من الشافعية: إن المساجد التي ثبت أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- صلى فيها، لو نذر أحد الصلاة في شيء منها تَعَيَّن، كما تتعين المساجد الثلاثة، قاله في "الفتح" (١).

قال الجامع عفا الله عنه: تعيّن تلك المساجد للنذر يحتاج إلى دليل، والله تعالى أعلم.

[الخامس]: قال الحافظ رحمهُ اللهُ: ذكر البخاريّ المساجد التي في طُرُق المدينة، ولم يذكر المساجد التي كانت بالمدينة؛ لأنه لم يقع له إسناد في ذلك على شرطه، وقد ذكر عُمر بن شَبّة في "أخبار المدينة" المساجد، والأماكن التي صلى فيها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة، مستوعبًا.

وروى عن أبي غَسّان عن غير واحد، من أهل العلم أن كل مسجد بالمدينة، ونواحيها مبني بالحجارة المنقوشة المطابقة، فقد صلى فيه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وذلك أن عمر بن عبد العزيز حين بنى مسجد المدينة، سال الناس، وهم يومئذ متوافرون عن ذلك، ثم بناها بالحجارة المنقوشة المطابقة. انتهى.

وقد عَيَّن عُمر بن شَبّة منها شيئًا كثيرًا، لكن أكثره في هذا الوقت قد اندثر، وبقي عن المشهورة الآن مسجد قباء، ومسجد الفَضيخ، وهو شرقي مسجد قباء، ومسجد بني قريظة، ومشربة أم إبراهيم، وهي شمالي مسجد بني قريظة، ومسجد بني ظَفَر، شرقي البقيع، ويعرف بمسجد البغلة، ومسجد بني معاوية، ويُعْرف بمسجد الإجابة، ومسجد الفتح، قريب من جبل سَلْع، ومسجد القبلتين، في بني سَلِمَة، هكذا أثبته بعض شيوخنا، وفائدة معرفة ذلك ما تقدم عن البغويّ. انتهى.


(١) "الفتح" ٤/ ٢٣٤.