للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ما بين الركنين، وإن كان مشروعًا لحاجته إلى الإبقاء على أصحابه، فلما ارتفعت هذه العلة لزم استدامة الرمل المشروع. انتهى.

وقال ابن قُدامة رحمهُ اللهُ: الرمل سنة في الأشواط الثلاثة بكمالها، يرمُل من الحجر إلى أن يعود إليه، لا يمشي في شيء منها، رُوي ذلك عن عمر، وابنه، وابن مسعود، وابن الزبير، وبه قال عروة، والنخعيّ، ومالك، والثوريّ، والشافعيّ، وأصحاب الرأي.

وقال طاوس، وعطاء، والحسن، وسعيد بن جبير، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله: يمشي ما بين الركنين؛ لرواية ابن عباس -رضي الله عنهما-.

قال: ولنا ما روى ابن عمر أنه -صلى الله عليه وسلم- رمل من الحجر إلى الحجر، وحديث جابر عند مسلم، قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه ثلاثة أطواف"، وهذا يُقَدَّم على حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-؛ لوجوه:

[الأول]: أنه مُثبِتٌ.

[والثاني]: أن رواية ابن عباس إخبار عن عمرة القضية، وهذا إخبار عن حجة الوداع، فيكون متأخرًا، ويجب العمل به.

[والثالث]: أن ابن عباس كان في تلك الحال صغيرًا.

[والرابع]: أن جلة الصحابة عملوا بما ذكرنا، ولو علموا من النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ما قال ابن عباس ما عدلوا عنه إلى غيره.

ويَحْتَمِل أن ما رواه ابن عباس يختص بالذين كانوا في عمرة القضية؛ لضعفهم والإبقاء عليهم، وما رويناه سنة في سائر الناس. انتهى.

ويظهر من كلام ابن حزم في "المحلى" أنه مال إلى أن الرمل من الحجر الأسود إلى الركن اليماني واجب، وفيما بينهما جائز، قاله في "المرعاة" (١).

والحديث متّفقٌ عليه، وتقدّم تمام البحث فيه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) راجع: "المرعاة" ٩/ ٩٠، ٩١.