للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحجر، وإلا فالقادر يقبّل الحجر، ولا يقتصر في اليد على الاستلام بها، وهذا الذي ذكرناه من استحباب تقبيل اليد بعد الاستلام للعاجز هو مذهبنا، ومذهب الجمهور، وقال القاسم بن محمد التابعيّ المشهور: لا يستحب التقبيل، وبه قال مالك في أحد قوليه. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: ما نُقل عن القاسم، ومالك من عدم مشروعيّة التقبيل يردّه هذا الحديث الصحيح، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

وقال الحافظ أبو عمر بن عبد البرّ رحمهُ اللهُ: لا يختلفون أن تقبيل الحجر الأسود في الطواف من سنن الحجّ لمن قدر على ذلك، ومن لم يقدر على تقبيله وضع يده عليه، ورفعها إلى فيه، فإن لم يقدر على ذلك أيضًا للزحام كَبّر إذا قابله، فمن لم يفعل فلا حرج عليه، ولا ينبغي لمن قدر على ذلك أن يتركه؛ تأسيًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -صلى الله عليه وسلم- بعده (٢).

وقوله: (منذ رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يفعله) قال القاري رحمهُ اللهُ: أي الاستلام المطلق، أو المخصوص؛ إذ ثبت الاستلام، والتقبيل عنه -صلى الله عليه وسلم- كما في "الصحيحين". انتهى.

وقيل: الظاهر أن الضمير للاستلام مطلقًا، ويجوز أن يكون للاستلام على الوجه المخصوص المذكور، وهو أنه استلم الحجر بيده، ثم قبّل يده، والأول هو الوجه فافهم. انتهى، قال صاحب "المرعاة": الظاهر، بل الأظهر عندي هو الثاني. انتهى، وهو استظهار حسنٌ.

والحديث متّفقٌ عليه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمهُ اللهُ المذكور أولَ الكتاب قال:

[٣٠٦٧] (١٢٦٩) - (وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا (٣) عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ قَتَادَةَ بْنَ دِعَامَةَ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ الْبَكْرِيَّ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَمْ أَرَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَسْتَلِمُ غَيْرَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ).


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ١٥.
(٢) "التمهيد لابن عبد البر" ٢٢/ ٢٥٧.
(٣) وفي نسخة: "أخبرني".