وروى الشافعي من طريق محمد بن كعب القُرَظيّ إن ابن عباس كان يمسح الركن اليمانيّ، والْحَجَر، وكان ابن الزبير يمسح الأركان كلها، ويقول: ليس شيء من البيت مهجورًا، فيقول ابن عباس:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.
ولفظ رواية مجاهد المذكورة عن ابن عباس: أنه طاف مع معاوية، فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجورًا، فقال له ابن عباس:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، فقال معاوية: صدقت.
قال الحافظ: وبهذا يتبيّن ضعف من حمله على التعدد، وأن اجتهاد كل منهما تغير إلى ما أنكره على الآخر.
قال: وإنما قلت ذلك؛ لأن مخرج الحديثين واحد، وهو قتادة، عن أبي الطفيل، وقد جزم أحمد بأن شعبة قلبه، فسقط التجويز العقلي.
وأخرج ابن أبي شيبة، من طريق عباد بن عبد الله بن الزبير، أنه رأى أباه يستلم الأركان كلها، وقال: إنه ليس شيء منه مهجورًا، وأخرج الشافعي نحوه عنه من وجه آخر، كما تقدم.
وفي "الموطإ" عن هشام بن عروة بن الزبير، أن أباه كان إذا طاف بالبيت يستلم الأركان كلها.
وأخرجه سعيد بن منصور، عن الدراورديّ، عن هشام، بلفظ: إذا بدأ استلم الأركان كلها، وإذا ختم.
وأخرج الشيخان حديث ابن عمر قال: لم أر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يستلم من البيت إلا الركنين اليمانيين.
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: إنما ترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استلام الركنين الشاميين؛ لأن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم عليه السَّلام، وعلى هذا المعنى حَمَل ابن التين تبعًا لابن القصار استلام ابن الزبير لهما؛ لأنه لما عَمّر الكعبة أتم البيت على قواعد إبراهيم. انتهى.
وتعقب ذلك بعض الشراح بأن ابن الزبير طاف مع معاوية، واستلم الكلّ.
قال الحافظ: ولم يقف على هذا الأثر، وإنما وقع ذلك لمعاوية مع ابن