الأزهريّ: هذا كلام العرب، ولكن لا يعرفه إلا خواصّ أهل العلم باللغة، ووقع في كلام الشافعيّ رحمه الله تعالى في الوصية: لو قال: أعطوه بعيرًا لم يكن لهم أن يعطوه ناقة، فحمل البعير على الجمل، ووجهه أن الوصيّة مبنيّة على عُرف الناس، لا على محتملات اللغة التي لا يعرفها إلا الخواصّ.
وحكى في "كفاية المتحفّظ" معنى ما تقدّم، ثم قال: وإنما يقال: جمل، أو ناقة إذا أربعا، فأما قبل ذلك، فيقال: قَعُود، وبَكْرٌ، وبكرةٌ، وَقَلُوصٌ، وجمع البعير أبعرةٌ، وأباعرٌ، وبُعْرانٌ بالضمّ. انتهى.
ثم إن قوله:"طاف على بعير" لا ينافي ما تقدّم أنه -صلى الله عليه وسلم- طاف ماشيًا، رمل في الثلاثة الأُوَل، ومشى في الأربعة؛ لأنه يُحمل هذا على طواف الإفاضة، أو الوداع، وذلك على طواف القدوم، كما دلّ عليه حديث جابر -رضي الله عنه - الطويل الماضي.
وقال السنديّ رحمهُ اللهُ: قد جاء أنه فعل ذلك -أي الطواف راكبًا- لمرض، أو لزحام، قيل: هو من خصائصه -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ يَحْتَمِلُ أن تكون راحلته عُصِمَتْ من التلويث كرامَةً له، فلا يقاس عليه غيره، وذلك لأن المأمور به بقوله تعالى:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحج: ٢٩] طواف الإنسان، فلا ينوب طواف الدابة مناب طواف الإنسان إلا عند الضرورة. انتهى
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله السندي غير صحيح؛ بل الطواف راكبًا جائز إذا احتاج إليه، ودعوى الخصوصية لا دليل عليها، وما قاله من أن المأمور به طواف الإنسان … إلخ باطل؛ لأنه لم تنب الدابة عن طواف الإنسان، بل هو طاف عليها؛ ولذا قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طاف على بعير"، ولم يقل: طاف عنه البعير، وهذا واضح غاية الوضوح، وسيأتي تمام البحث فيه في المسألة الرابعة -إن شاء الله تعالى-.
(يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ) أي يومئ إلى الركن بعصاه حتى يصيبه، و"الاستلام": افتعال من السَّلَام -بالفتح-: وهو التحيّة. قاله الأزهريّ. وقيل: من السِّلَام -بالكسر-: وهو الحجارة.
وقال في "اللسان": قال الجوهري: استلم الحجر: لَمَسَهُ، إما بالقُبْلَة، أو باليد، لا يُهْمَزُ، لأنه مأخوذ من السِّلام، وهو الحجر، كما تقول: اسْتَنْوَقَ