للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الاستثناء مع أن الرجال الذين أخبروه أطلقوا ذلك؛ لبيان الخبر عنده من رواية الزهري له عن عروة عنها.

ومحصل ما أخبر به أبو بكر بن عبد الرحمن، أن المانع لهم من التطوف بينهما، أنهم كانوا يطوفون بالبيت وبين الصفا والمروة في الجاهلية، فلما أنزل الله الطواف بالبيت، ولم يذكر الطواف بينهما ظنوا رفع ذلك الحكم، فسألوا هل عليهم من حرج إن فعلوا ذلك، بناء على ما ظنوه من أن التطوف بينهما من فعل الجاهلية.

وقوله: "حتى ذكر ذلك بعدما ذكر الطواف بالبيت" يعني تأخر نزول آية البقرة في الصفا والمروة عن آية الحج، وهي قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحجّ: ٢٩] انتهى (١).

وقوله: (فَأُرَاهَا قَدْ نَزَلَتْ فِي هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ) ضبطوه بضم الهمزة، من "أَراها"، وفتحها، والضم أحسن وأشهر، أي أظنها.

وفي رواية البخاري المذكورة: "فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين".

وحاصل كلامه أن سبب نزول الآية على هذا الأسلوب، كان للرد على الفريقين، الذين تحرجوا أن يطوفوا بينهما؛ لكونه عندهم من أفعال الجاهلية، والذين امتنعوا من الطواف بينهما؛ لكونهما لم يذكرا (٢).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى البحث فيه مستوفًى قبل حديث، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رَحِمَهُ اللهُ - المذكور أولَ الكتاب قال: [٣٠٨٣] ( … ) - (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّي، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَن ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: فَلَمَّا سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نَطُوفَ بِالصَّفَا


(١) "الفتح" ٤/ ٥٨١، ٥٨٢.
(٢) راجع: "الفتح" ٩/ ٥٨٢.