خَصّ التعجيل بالضَّعَفَة، وعند من لم يُخَصِّص، وفيه خلاف سيأتي تحقيقه في المسألة التالية -إن شاء الله تعالى-.
٤ - (ومنها): أنه استُدِل به أيضًا على إسقاط الوقوف بالمشعر الحرام عن الضعفة، ولكن لا دلالة فيه؛ لأن رواية أسماء هذه ساكتةٌ عن الوقوف، وقد بيّنته رواية ابن عمر -رضي الله عنهما- الآتية آخر الباب، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في أول وقت الرمي: اعلم أنهم اختلفوا في الوقت الذي يجوز فيه رمي جمرة العقبة للضعفة، وغيرهم، مع إجماعهم على أن من رماها بعد طلوع الشمس أجزأه: فذهبت أسماء بنت أبي بكر، وعكرمة، وخالد، وطاوس، والشعبيّ، وعطاء، والشافعيّ، وأحمد، إلى أن أول الوقت الذي يجزئ فيه رمي جمرة العقبة، هو ابتداء النصف الأخير من ليلة النحر، واستُدلّ لهم بما أخرجه النسائيّ بإسناد حسن، عن عطاء بن أبي رباح، قال: حدّثتني عائشة بنت طلحة، عن خالتها عائشة أم المؤمنين: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أَمَر إحدى نسائه أن تنفر من جَمْع ليلة جَمْع، فتأتي جمرة العقبة، فترميها، وتصبح في منزلها، وكان عطاء يفعله حتى مات.
وبما أخرجه أبو داود بإسناد صحيح عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: أرسل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بأم سلمة ليلة النحر، فرَمَت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت، فأفاضت، وكان ذلك اليومُ اليومَ الذي يكون عندها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويعتضد بما رواه الخلّال من طريق سليمان بن أبي داود، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: أخبرتني أم سلمة، قالت: قدّمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيمن قدّم من أهله ليلة المزدلفة، قالت: فرميت بليل، ثم مضيت إلى مكة، فصليت بها الصبح، ثم رجعت إلى منى. كذا ذكره ابن القيّم -رَحِمَهُ اللهُ-.
وذهب جماعة إلى أن أول وقته بعد طلوع الفجر، وأول الوقت المستحبّ بعد طلوع الشمس، وما بعد الزوال إلى الغروب وقت الجواز بلا إساءة، فإن رمى قبل طلوع الشمس، وبعد طلوع الفجر جاز، وإن رماها قبل الفجر أعادها.