للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يتعدّى إليه بالباء، فيقال: بعثتُ به، وأوجز الفارابيّ، فقال: بعثه أي أهبّه، وبَعَثَ به: وَجَهّه. انتهى (١).

(بِسَحَرٍ) الموجود في النسخ بضبط القلم بالكسر منونًا، لكن قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: الصواب أنه غير منصرف، ودونك نصّه: "بِسَحَرَ" بغير صرف، وهو الصواب؛ لأنه سحر معيّنٌ. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: أشار القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ- بذلك إلى أن "سَحَرَ" هنا غير منصرف؛ للعدل والتعريف، كما قال في "الخلاصة":

وَالْعَدْلُ وَالتَّعْرِيفُ مَانِعَا "سَحَرْ" … إِذَا بِهِ التَّعْيِينُ قَصْدًا يُعْتَبَرْ

يعني أن "سحر" إذا أريد به سحر يوم بعينه، نحو جئتك يوم الجمعة سَحَرَ، فسَحَرَ ممنوع من الصرف؛ للعدل وشبه العلميّة، وذلك لأنه معدولٌ عن السَّحَرِ؛ لأنه معرفة، والأصل في التعريف أن يكون بـ "أل"، فعُدِل به عن ذلك، وصار تعريفه كتعريف العلميّة من جهة أنه لم يُلفَظ معه بمعرِّفٍ (٢)، والله تعالى أعلم.

(مِنْ جَمْعٍ) أي من المزدلفة (فِي ثَقَلِ نَبِيِّ الله -صلى الله عليه وسلم-)؛ أي أهله، و"الثقل" بفتحتين: هو الَشيء الذي يثقل حمله (قُلْتُ) الظاهر أن القائل هو ابن جريج، وهذا يدلّ على أن عطاء لم يسمعه من ابن عبّاس، ومما يدلّ على ذلك ما في "مسند أحمد"، ولفظه: "حدّثني عطاء عن ابن عبّاس، قال: ولم يسمعه منه". انتهى (٣)، لكن الحديث متّصل، فقد تقدّم من رواية عبيد الله بن أبي يزيد: "أنه سمع ابن عبّاس يقول … " الحديث (أَبَلَغَكَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ) -رضي الله عنهما- (قَالَ: بَعَثَ بِي بلَيْلٍ طَوِيلٍ؟) أراد بهذا الاستفسار هل بعثه -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس كان من أول الليل، أَم لَا؟ (قَالَ: لَا) أي لم يبلغني أنه بعثه بليل طويل (إِلَّا كَذَلِكَ بِسَحَرٍ) أي إلا أن الذي بلغني أن بعثه كان بسحر، وقوله: (قُلْتُ لَهُ)؛ أي لعطاء (فقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَمَيْنَا الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ؟) هذا أيضًا استفسار آخر، هل ابن عبّاس ومن


(١) "المصباح المنير" ١/ ٥٢.
(٢) راجع: "شرح ابن عقيل على الخلاصة" ٢/ ١٦٦.
(٣) راجع: "المسند" ١/ ٣٤٦.