للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الفيّوميّ: كلُّ شيء جمعته، فقد جمّرته، ومنه الجمرة، وهي مُجْتَمعُ الحصى بمنًى، فكلّ كُومَةٍ من الحصى جَمْرةٌ، والجمع جَمَرات، وجَمَرات منى ثلاثٌ، بين كلّ جمرتين نحو غَلْوةِ سَهْمٍ. انتهى (١).

(فَاسْتَبْطَنَ الْوَادِي) أي أتى بطن الوادي (فَاسْتَعْرَضَهَا)؛ أي أتاها من جانبها عَرْضًا، قاله ابن الأثير -رَحِمَهُ اللهُ-، وفي رواية البخاريّ: "فاستبطن الوادي، حتى إذا حاذى بالشجرة اعترضها"؛ أي الشجرة، وهذا يدلّ على أنه كان هناك شجرة عند الجمرة، وقد روى ابن أبي شيبة، عن الثقفيّ، عن أيوب، قال: رأيت القاسم وسالمًا ونافعًا يرمون من الشجرة، ومن طريق عبد الرحمن بن الأسود، أنه كان إذا جاوز الشجرة رمى العقبة، من تحت غصن من أغصانها، قاله في "الفتح" (٢).

(فَرَمَاهَا مِنْ بَطْنِ الْوَادِي) أي من أسفله؛ اتباعًا للسنة، كما بيّنه بقوله: "من ها هنا -والذي لا إله غيره- رماها الذي أنزلت عليه سورة البقرة" (بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ) بفتح الصاد والياء: جمع حصاة، وفيه أن الرمي يكون بسبع حصيات لا بأقلّ، وسيأتي قريبًا اختلاف العلماء في ذلك (يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ) فيه أنه يستحبّ التكبير عند رمي حصى الجمار (قَالَ) عبد الرحمن بن يزيد (فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ) كنية عبد الله بن مسعود " (إِنَّ النَّاسَ يَرْمُونَهَا مِنْ فَوْقِهَا)؛ أي من فوق العقبة (فَقَالَ) ابن مسعود" (هَذَا) مشيرًا إلى المكان الذي رمى منه الجمرة، فاسم الإشارة مبتدأ، خبر "مقامُ"، وقوله: (وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ) قسمٌ معترضٌ، أقسم عبد الله -رضي الله عنه- به تأكيدًا لحديثه (مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ) يعني النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهذا هو محلّ الردّ على الحجّاج، فابن مسعود -رضي الله عنه- صحابيّ من أعلم الصحابة بالسنة، وفقيه من أفقه الصحابة بالأحكام الشرعيّة، فقد سماها "سورة البقرة".

وفي رواية الحكم، عن إبراهيم الآتية: "فرمى الجمرة بسبع حصيات، وجعل البيت عن يساره، ومنى عن يمينه"، وفي رواية الترمذيّ من طريق أبي


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٠٨.
(٢) "الفتح" ٤/ ٧١٠، ٧١١.