للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢ - (ومنها): أنه مسلسل بالتحديث، والإخبار، والسماع، فانتفت عنه تهمة التدليس في ابن جريج، وأبي الزبير.

٣ - (ومنها): أن جابرًا -رضي الله عنه- أحد المكثرين السبعة، روى (١٥٤٠) حديثًا.

شرح الحديث: عن أبي الزُّبَيْرِ -رَحِمَهُ اللهُ- (أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ) -رضي الله عنهما- (يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَمَى الْجَمْرَةَ بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ) -بفتح الخاء، وسكون الذال المعجمتين-: معناه الرمي، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ-: خَذَفتُ الحصاةَ ونحوها خَذْفًا، من باب ضرب: رَميتُها بطرفي الإبهام والسبّابة، وقولهم: يأخذ حصى الخذف معناه: حصى الرمي، والمراد: الحصى الصغار، لكنه أُطلق مجازًا. انتهى (١).

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: فيه دليل على استحباب كون الحصى في هذا القدر، وهو كقدر حبة الباقلا، ولو رَمَى بأكبر، أو أصغر جاز مع الكراهة، وقد سبقت المسألة مستوفاةً قريبًا. انتهى.

وقال القرطبي -رَحِمَهُ اللهُ-: قد تقدَّم أن معنى الخذف: رمي الحصى الصغار، واختُلِف في مقدارها، وكلهم يكرهون الكبار؛ لِما جاء عنه -صلى الله عليه وسلم-: أنه قال في هذا: "إيَّاكم والغلوّ في الدِّين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلوّ في الدين"، رواه النسائيّ (٢)، وأكثر ما قيل في ذلك: ما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن حصاه كان مثل البندقة، وقال عطاء: مثل طرف الإصبع، وقال الشافعيّ: أصغر من الأنملة طولًا وعرضًا، وروي عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: بمثل بعر الغنم، وروي عن مالك: أكبر من ذلك أعجب إليّ. انتهى (٣)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث جابر -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-.


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٦٥.
(٢) حديث صحيح، رواه النسائيّ في "المجتبى" ٥/ ٢٦٨.
(٣) "المفهم" ٣/ ٤٠١.