للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"خذ"، أي خُذ، وابدأ من هذا الجانب، قيل: الصواب مدّها، وفتحها، كما في حديث: "إلا هاء وهاء" في الربا، قال في "النهاية": قال ابن الأثير: أصحاب الحديث يرونه "ها وها" ساكنة الألف، والصواب مدّها، وفتحها؛ لأن أصلها "هاكَ"، أي خذ، فحُذفت الكاف، وعُوّض منها المدّة والهمزة، يقال للواحد: هاءَ، وللاثنين: هاؤما، وللجمع: هاؤمُ، وغيرُ الخطّابيّ يُجيز فيها السكون على حذف العوض، فتَتَنَزّل منزلة "ها" التي للتنبيه، وفيها لغات أخرى. انتهى (١)، وسيأتي تمام البحث في هذا في شرح الحديث المذكور في "الربا" -إن شاء الله تعالى-.

وقوله: (فَوَزَّعَهُ الشَّعَرَةَ وَالشَّعَرَتَيْنِ) أي فرّق الشعر المحلوق بين الناس، وقسمه فيهم، كما قبله: "فقسم شعره بين من يليه"، فقوله: "الشعرة والشعرتين" بالنصب على البدليّة من الضمير المفعول في قوله: "فوزّعه".

وقوله: ("هَا هُنَا أَبُو طَلْحَةَ؟ ") استفهام بتقدير أداته، أي أههنا أبو طلحة، وهو زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الأنصاريّ النجّاريّ، مشهور بكنيته، زوج أم سليم، شهد بدرًا وما بعدها، ومات سنة (٣٤ هـ) وقيل غير ذلك، وتقدّمت ترجمته في "الحيض" ٧/ ٧٢٠.

وكان له -صلى الله عليه وسلم- بأبي طلحة وأهل بيته مزيد خصوصيّة ومحبّة ليست لغيرهم من الأنصار، وكثير من المهاجرين الأبرار -رضي الله عنهم-، وهو الذي حفر قبره الشريف، ولحد له، وبنى فيه اللبِنَ، وخصّه بدفن ابنته أم كلثوم، وزوجها عثمان بن عفان -رضي الله عنهما- حاضر، قاله القاري -رَحِمَهُ اللهُ- (٢).

[تنبيه]: رواية أبي بكر بن أبي شيبة، عن حفص ساقها أبو يعلى -رَحِمَهُ اللهُ- في "مسنده" (٥/ ٢٢٧) فقال:

(٢٨٤٠) - حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا حفص، عن هشام، عن محمد، قال: رمى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجمار، والحلاقُ جالسٌ، فأمر بالبُدْن فنُحِرت، وقال للحلاق: "هنا"، وأشار بيده إلى جانب الأيمن، قال: فقسم


(١) "النهاية" ٥/ ٢٣٧.
(٢) "المرقاة" ٥/ ٥٥٦.