للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بمكان معين، فأشار أنس إلى أن الذي يفعلونه جائز، وإن كان الاتباع أفضل. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في صلاة الظهر بمنى يوم التروية:

قال في "الفتح": وفي الحديث أن السنة أن يصلّي الحاجّ الظهر يوم التروية بمنى، وهو قول الجمهور، وروى الثوريّ في "جامعه" عن عمرو بن دينار، قال: رأيت ابن الزبير صلّى الظهر يوم التروية بمكة، وقد روى القاسم عنه أن السنّة أن يصليها بمنى، فلعله فعل ما نقله عمرو عنه للضرورة، أو لبيان الجواز، وروى ابن المنذر من طريق ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: "إذا زاغت الشمس، فليرح إلى منى".

قال ابن المنذر في حديث ابن الزبير: إن من السنة أن يصلي الإمام الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والصبح بمنى، قال به علماء الأمصار، قال: ولا أحفظ عن أحد من أهل العلم أنه أوجب على من تخلّف عن منى ليلة التاسع شيئًا.

ثم روى عن عائشة -رضي الله عنها- أنها لم تخرج من مكّة يوم التروية حتى دخل الليل، وذهب ثلثه، قال ابن المنذر: والخروج إلى منى في كلّ وقت مباح، إلا أن الحسن، وعطاء، قالا: لا بأس أن يتقدّم الحاجّ إلى منى قبل يوم التروية بيوم، أو يومين، وكرهه مالك، وكره الإقامة بمكة يوم التروية حتى يمسي، إلا إن أدركه وقت الجمعة، فعليه أن يصلّيها قبل أن يخرج. انتهى ما في "الفتح" (٢).

وقال في "العمدة" نقلًا عن النوويّ رحمه الله: ويكون خروجهم بعد صلاة الصبح بمكة حتى يُصَلُّوا الظهر في أول وقتها، هذا هو الصحيح المشهور من منصوص الشافعيّ، وفيه قول ضعيف أنهم يصلّون الظهر بمكة، ثم يخرجون، وقال المهلّب: الناس في سعة من هذا، يخرجون متى أحبّوا، ويصلّون حيث أمكنهم، ولذلك قال أنس: "صلّ حيث يصلي أمراؤك"، والمستحبّ في ذلك


(١) "الفتح" ٤/ ٥٩٢.
(٢) "الفتح" ٤/ ٥٩٤.