للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (تُصَفِّقُ) بضمّ أوله، وتشديد الفاء، مبنيًّا للمفعول: أي تضرب إحدى يديها على الأخرى تعجّبًا، أو تأسّفًا على وقوع ذلك.

وقولها: (حَتَّى يُنْحَرَ هَدْيُهُ) ببناء الفعل للمفعول.

[تنبيه]: استَدَلّ الداوديّ بحديث عائشة -رضي الله عنها- هذا على أن الحديث الذي روته أم سلمة (١) -رضي الله عنها- مرفوعًا: "إذا دخل العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره، ولا بشره شيئًا"، يكون منسوخًا بحديث عائشة -رضي الله عنها-، أو ناسخًا.

وتعقّبه ابن التين بأنه لا يُحتاج إلى ذلك؛ لأن عائشة -رضي الله عنها- إنما أنكرت أن يصير من يبعث هديه مُحْرمًا بمجرد بعثه، ولم تعترض على ما يُستحب في العشر خاصةً، من اجتناب إزالة الشعر والظفر، ثم قال: لكن عموم الحديث يدلّ على ما قال الداوديّ، وقد استدلّ به الشافعيّ على إباحة ذلك في عشر ذي الحجة، قال: والحديث المذكور أخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذيّ، والنسائيّ.

وتعقّبه الحافظ، فقال: وفي الاحتجاج نظرٌ، فإنه لا يلزم من دلالته على عدم اشتراط ما يجتنبه المحرم على المضحي، أنه لا يستحب فعل ما ورد به الخبر المذكور لغير المحرم. انتهى، وهو تعقّبٌ جيّدٌ.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدم تمام شرحه، وبيان مسائله في الحديث المذكور أول الباب، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه اللهُ المذكور أولَ الكتاب قال:

[٣٢٠٨] ( … ) - (وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ (ح) وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدثنا أَبِي، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، كِلَاهُمَا عَن الشَّعْبِىِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ بِمِثْلِهِ، عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-).


(١) وقع في كلام الداوديّ "ميمونة" بدل "أم سلمة"، وهو غلطٌ، وقد نبّه عليه الحافظ في "الفتح" ١٢/ ٥٧٥، ٥٧٦.