٤ - (ومنها): أن فيه رواية الابن عن أبيه، وتابعيّ عن تابعيّ، وفيه ابن عبّاس -رضي الله عنهما- حبر الأمة وبحرها، وأحد العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَن ابْنِ عَبَّاسٍ) -رضي الله عنهما- (قَالَ: أُمِرَ النَّاسُ) كذا هو في هذه الرواية بالبناء لما لم يُسَمَّ فاعله، والمراد به النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وكذا قوله:"خُفِّف"، وقد رواه سفيان أيضًا عن سليمان الأحول، عن طاوس، في الرواية السابقة، فصرّح فيه بالرفع، حيث قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا ينفرنّ أحدٌ حتى يكون آخر عهده بالبيت".
قال في "الفتح": وأخرجه مسلم هو، والذي قبله عن سعيد بن منصور، عن سفيان بالإسنادين فرّقهما، فكأن طاوسًا حدّث به على الوجهين، ولهذا وقع في رواية كلّ من الراويين عنه ما لم يقع في رواية الآخر. انتهى.
(أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالبَيْتِ) أي الطواف به، كما رواه أبو داود، وقوله:"بالبيت" خبر "كان"(إِلّا أنهُ خُفِّفَ) بصيغة المجهول، من التخفيف، أي طوافُ الوداع (عَن الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ) وفي معناها النفساء، وعلى هذا الاستثناء اتفاق جميع أهل العلم، واستدُلّ به على أن الطهارة شرط لصحة الطواف، وقد تقدم الكلام في ذلك، وصنيع البغويّ يدل على أن قوله:"إلا أنه خفف عن المرأة الحائض" تتمة قوله: "لا ينفرنّ أحدكم، إلخ"، وليس كذلك، فإنه قد انتهى إلى قوله:"بالبيت"، والاستثناء المذكور إنما هو تتمة قول ابن عباس -رضي الله عنهما-، وهو دليل على سقوط طواف الوداع عن المرأة الحائض، فلا يكون واجبًا عليها، ولا يلزمها دم بتركه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس -رضي الله عنهما- هذا متّفق عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٦٥/ ٣٢٢٠ و ٣٢٢١ و ٣٢٢٢](١٣٢٧ و ١٣٢٨)،