للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

عن إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ؛ أنه (قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى) واسم أبيه خالد بن علقمة بن الحارث (صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: أَدَخَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الْبَيْتَ) أي: الكعبة؛ لما سبق أنه علم بالغلبة عليها (فِي عُمْرَتِهِ؟) المراد بها عمرة القضاء التي كانت سنة سبع من الهجرة قبل فتح مكة.

ولفظ البخاريّ: اعتمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فطاف بالبيت، وصلى خلف المقام ركعتين، ومعه مَن يَستُره من الناس، فقال له رجل: أدخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكعبة؟ قال: لا.

(قَالَ: لَا) قال النوويّ -رحمه الله-: هذا مما اتفقوا عليه، قال العلماء: وسبب عدم دخوله -صلى الله عليه وسلم- ما كان في البيت من الأصنام والصُّوَر، ولم يكن المشركون يتركونه لتغييرها، فلما فتح الله تعالى عليه مكة دخل البيت، وصلى فيه، وأزال الصُّوَر قبل دخوله. انتهى (١).

يعني ثم دخلها، فقد أخرج البخاريّ عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لَمّا قَدِمَ أبى أن يدخل البيت، وفيه الآلهة، فأمر بها، فأُخرجت، فأَخرجوا صورة إبراهيم وإسماعيل في أيديهما الأزلام، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قاتلهم الله، أما والله لقد عَلِمُوا أنهما لم يستقسما بها قط"، فدخل البيت، فكبّر في نواحيه، ولم يصلّ فيه.

قال الحافظ: ويَحْتَمِل أن يكون دخول البيت لم يقع في الشرط- أي: شرط صلح الحديبية- فلو أراد دخوله لمنعوه، كما منعوه من الإقامة بمكة زيادة على الثلاث، فلم يقصد دخوله؛ لئلا يمنعوه، وفي "السيرة" عن عليّ -رضي الله عنه- أنه دخلها قبل الهجرة، فأزال شيئًا من الأصنام، وفي "الطبقات" عن عثمان بن طلحة نحو ذلك، فإن ثبت ذلك لم يُشكل على الوجه الأول؛ لأن ذلك الدخول كان لإزالة شيء من المنكرات، لا لقصد العبادة، والإزالة في الهدنة كانت غير ممكنة، بخلاف يوم الفتح.

[تنبيه]: استدل المحبّ الطبريّ بهذا الحديث على أنه -صلى الله عليه وسلم- دخل الكعبة


(١) "شرخ النووي" ٩/ ٨٨.