للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خانه لمن يُقيم فيها سوق المعصية، وبيع الشَّمَع، أو إجارته لمن يَعصِي الله عليه، ونحو ذلك مما هو إعانة على ما يُبغضه الله، ويسخطه.

ومن هذا عَصْرُ العنب لمن يتخذه خمرًا، وقد لعنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو، والمعتصر معًا، ويلزم مَن لم يَسُدَّ الذرائع أن لا يَلْعَن العاصر، وأن يُجَوِّز له أن يعصر العنب لكل أحد، ويقول: القصد غير معتبر في العقد، والذرائع غير معتبرة، ونحن مطالَبُون في الظواهر، والله يتولى السرائر، وقد صَرَّحُوا بهذا، ولا ريب في التنافي بين هذا وبين سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

(الوجه الثامن والتسعون): نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن قتال الأمراء، والخروج على الأئمة، وإن ظلموا أو جاروا، ما أقاموا الصلاة؛ سدًّا لذريعة الفساد العظيم، والشر الكثير بقتالهم، كما هو الواقع، فإنه حصل بسبب قتالهم، والخروج عليهم أضعاف أضعاف ما هم عليه، والأمة في بقايا تلك الشرور إلى الآن، وقال: "إذا بويع الخليفتان، فاقتلوا الآخِر منهما"؛ سدًّا لذريعة الفتنة.

(الوجه التاسع والتسعون): جمع عثمان - رضي الله عنه - المصحف على حرف واحد من الأحرف السبعة؛ لئلا يكون ذريعةً إلى اختلافهم في القرآن، ووافقه على ذلك الصحابة - رضي الله عنهم -.

قال ابن القيّم رحمه الله تعالى: ولنقتصر على هذا العدد من الأمثلة الموافق لأسماء الله الحسنى التي من أحصاها دخل الجنة؛ تفاؤلًا بأنه من أحصى هذه الوجوه، وعَلِم أنها من الدين، وعمل بها دخل الجنة؛ إذ قد يكون قد اجتمع له معرفة أسماء الرب تعالى، ومعرفة أحكامه، ولله وراء ذلك أسماءٌ وأحكام.

قال رحمه الله تعالى: وباب سدّ الذرائع أحد أرباع التكليف، فإنه أمر ونهي، والأمر نوعان: أحدهما مقصود لنفسه، والثاني وسيلة إلى المقصود، والنهي نوعان: أحدهما ما يكون المنهيّ عنه مفسدة في نفسه، والثاني ما يكون وسيلة إلى المفسدة، فصار سدّ الذرائع المفضية إلى الحرام أحد أرباع الدين. انتهى كلام ابن القيم (١)، وهو بحثٌ نفيسٌ، وتحقيقٌ أنيسٌ، لا تجده مجموعًا


(١) راجع: "إعلام الموقّعين عن رب العالمين" ٣/ ١٨٠ - ٢٠٨.