للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فعله -عليه السلام- في أنه لم يعتمر في العام إلا مرّة مع حضّه على العمرة، والإكثار منها حجة في كراهة الزيادة على عمرة من العام، وهذا عجبٌ جدًّا. انتهى كلام ابن حزم -رَحِمَهُ اللهُ-، وهو بَحْثٌ نفيسٌ جدًّا.

والحاصل أن الحقّ قول من قال بمشروعيّة تكرار العمرة؛ لوضوح حجته، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): في أقوال أهل العلم في وقت العمرة:

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: واعلم أن جميع السنة وقت للعمرة، فتصحّ في كلّ وقت منها، إلا في حقّ من هو متلبّسٌ بالحجّ، فلا يصحّ اعتماره حتى يفرغ من الحجّ، ولا تكره عندنا لغير الحاجّ في يوم عرفة، والأضحى، والتشريق، وسائر السنة، وبهذا قال مالك، وأحمد، وجماهير العلماء.

وقال أبو حنيفة: تُكره في خمسة أيام: يوم عرفة، والنحر، وأيام التشريق، وقال أبو يوسف: تكره في أربعة أيام: وهي عرفة، والتشريق. انتهى كلام النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ- (١).

وقال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: واتفقوا على جوازها في جميع الأيام لمن لم يكن متلبّسًا بأعمال الحجّ، إلا ما نُقل عن الحنفيّة أنه يكره في يوم عرفة، ويوم النحر، وأيّام التشريق، ونقل الأثرم عن أحمد: إذا اعتَمَر فلا بدّ أن يحلق، أو يقصّر، فلا يعتمر بعد ذلك إلى عشرة أيام؛ ليتمكّن من حلق الرأس فيها، قال ابن قُدامة: هذا يدلّ على كراهة الاعتمار عنده في دون عشرة أيام. انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ- (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي في استثناء الأيام التي ذكروا أن العمرة تُكره فيها نَظَرٌ، فالذي يظهر أنها تجوز في كلّ أيام السنة؛ إذ لا نصّ، ولا إجماع في استثناء بعض الأيام المذكورة، حتى نعتمد عليه في كراهتها فيه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ١١٨.
(٢) "الفتح" ٥/ ٧.