للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جار، والرُّطَبَة عن قشرها: خرجت، كانفسقت، قيل: ومنه الفاسق؛ لانسلاخه عن الخير، والفويسقة: الفأرة؛ لخروجها من جُحْرها على الناس. انتهى (١).

وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: الرفث التصريح بذكر الجماع، والإعراب به، وقال الأزهريّ: هو كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة، وقال سعيد بن جبير في قوله تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٧]: الرفث إتيان النساء، والفسوقُ السباب، والجدال المراء، يعني مع الرفقاء، والخَدَم والْمُكَارِين، وإنما لم يُذكر الجدال في الحديث؛ اعتمادًا على الآية، والفاء في "فلم يرفث" معطوف على الشرط، وجوابه "رجع"؛ أي: صار، والجارّ والمجرور خبرٌ، ويجوز أن يكون حالًا؛ أي: رجع مشابهًا لنفسه في البراءة من الذنوب في يوم ولدته أمه. انتهى كلام الطيبيّ -رَحِمَهُ اللهُ- (٢).

وإنما صرّح بنفي الفسق في الحجّ، مع كونه ممنوعًا في كلّ حال، وفي كلّ حين؛ لزيادة التقبيح، والتشنيع، ولزيادة تأكيد النهي عنه في الحجّ، وللتنبيه على أن الحجّ أبعد الأعمال عن الفسق، والله تعالى أعلم.

(رَجَعَ) أي: صار، أو رجع من ذنوبه، أو حجته، أو فرغ من أعمال الحجّ، وحَملُهُ على معنى رجع إلى بيته بعيد، قاله السنديّ -رَحِمَهُ اللهُ- (كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ") "ما" مصدريّة، فيكون المعنى على حذف مضاف؛ أي: كحال ولادة أمه له، يعني أنه لا شيء عليه من الذنوب، وفي رواية البخاريّ: "رجع كيوم ولدته أمه"، وفي رواية أحمد، والدارقطنيّ: "رجع كهيئته يوم ولدته أمه أي: بغير ذنب مشابهًا لنفسه يوم ولدته أمه، إذ لا معنى لتشبيه الشخص باليوم، أفاده السنديّ.

وظاهر الحديث غفران الصغائر والكبائر، والتَّبِعَات، وهو من أقوى الشواهد لحديث العبّاس بن مِرْداس -رضي الله عنه- المصرّح بذلك، وله شاهد من حديث ابن عمر في "تفسير الطبريّ"، وإليه ذهب القرطبيّ، وعياضٌ، لكن قال الطبريّ: هو محمول بالنسبة إلى المظالم على من تاب، وعجز عن وفائها.


(١) "القاموس المحيط" ٣/ ٢٧٦.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٦/ ١٩٣٨ - ١٩٣٩.