للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مكة (وَعَلَى رَأسِهِ مِغْفَرٌ) جملة حالية من الفاعل، وفي رواية النسائيّ -رحمه الله-: "وعليه المغفر".

و"المغفر" بكسر الميم، وسكون المعجمة، وفتح الفاء، ويقال له: مِغفرة بزيادة الهاء في آخره: هو زَرْدٌ يُنسج من الدروع على قدر الرأس، يُلبس تحت القلنسوة، حكاه في "الصحاح" عن الأصمعيّ، وصدّر به صاحب "المحكم" كلامه، وقيل: هو رفرف البيضة، وقيل: هو حلق يتقنّع به المتسلّح، وقال في "المشارق": هو ما يُجعل من فضل دروع الحديد على الرأس، مثل القلنسوة، والخمار (١).

وفي رواية زيد بن الحباب، عن مالك: "يوم الفتح، وعليه مغفر من حديد"، أخرجه الدارقطنيّ في "الغرائب"، والحاكم في "الإكليل"، وكذا هو في رواية أبي أويس، قاله في "الفتح"، و"طرح التثريب" (٢).

(فَلَمَّا نَزَعَهُ) أي: نزع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - المغفر الذي على رأسه (جَاءَهُ رَجُلٌ) قال الحافظ -رحمه الله-: لم أقف على اسمه، إلا أنه يَحْتَمِل أن يكون هو الذي باشر قتله، وقد جزم الفاكهيّ في "شرح العمدة" بأن الذي جاء بذلك هو أبو برزة الأسلميّ، وكأنه لمَّا رجح عنده أنه هو الذي قتله رأى أنه هو الذي جاء مخبرًا بقصّته، ويرجحه قوله في رواية يحيى بن قَزَعَة في "المغازي": "فقال: اقتله" بصيغة الإفراد (فَقَالَ) ذلك الرجل (ابْنُ خَطَلٍ) -بفتح الخاء المعجمة، والطاء المهملة، آخره لام- وسيأتي بيان الاختلاف في اسمه قريبًا -إن شاء الله تعالى- (مُتَعَلّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ) -بفتح الهمزة، جمع سِتْر بكسر، فسكون- وكان تعلقه بها استجارةً بها، وذلك كما ذكر الواقديّ أنه خرج إلى الخندَمَة ليقاتل على فرس، وبيده قناة، فلما رأى خيل الله، والقتل دخله رُعْبٌ، حتى ما يستمسك من الرعدة، فرجع حتى انتهى إلى الكعبة، فنزل عن فرسه، وطرح سلاحه، ودخل تحت أستارها، فأخذ رجل من الركب سلاحه، وفرسه، فاستوى عليه، وأخبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بذلك (فَقَالَ) النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ("اقْتُلُوهُ") زاد الوليد بن مسلم عن


(١) "طرح التثريب" ٥/ ٨٦.
(٢) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٥/ ٨٦.