-بفتح الجيم والقصر-: هو جلى الجبهة، وهو انحسار الشعر عنها، يقال منه: رجل أجلى وأجلح. انتهى (١).
وقوله: (عَلَى لَأْوَائِهَا)؛ أي: على ضيق المعيشة فيه، وفي نسخة: "على جَهْد المدينة، ولأوائها".
وقوله: (إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا، أَوْ شَهِيدًا) قال بعضهم: "أو" للتقسيم، والمعنى: كنت شفيعًا لمن مات بها بعدي، وشهيدًا لمن مات بها في زماني، وإن جُعلت "أو" بمعنى الواو، كما ورد في بعض الروايات بالواو، فلا يحتاج إلى هذا التوجيه، فيكون إشارة إلى اختصاص أهل المدينة بالفضيلتين: الشهادة على رسوخ إيمانهم، والشفاعة ليُتجاوز عن عصيانهم. انتهى.
وقوله: (إِذَا كَانَ مُسْلِمًا) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا يُقَيّد ما تقدَّم من مطلقات هذه الألفاظ، ويُنَبِّه على القاعدة المقرَّرة، من أن الكافر لا تناله شفاعة شافع؛ كما قال اللَّه تعالى مخبرًا عنهم: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (١٠٠) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (١٠١)} [الشعراء: ١٠٠ - ١٠١].
والحديث من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وقد مضى تمام البحث فيه قريبًا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:
[٣٣٤١] (. . .) - (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، جَمِيعًا عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ وَابْنِ نُمَيْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَن الْوَلِيدِ بْنِ كثِيرٍ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي سَعِيدٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "إِنِّي حَرَّمْتُ مَا بَيْنَ لَابَتَي الْمَدِينَةِ، كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ". قَالَ: ثُمَّ كَانَ أَبُو سَعِيدٍ يَأْخُذُ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَجِدُ أَحَدَنَا فِي يَدِهِ الطَّيْرُ، فَيَفُكُّهُ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ يُرْسِلُهُ).
(١) "المفهم" ٣/ ٤٩٢ - ٤٩٣.