أخرجه (المصنّف) هنا [٨٣/ ٣٣٤٥ و ٣٣٤٦ و ١٣٣٤٧](١٣٧٧)، و (الترمذيّ) في (٣٩١٨)، و (النسائيّ) في "الكبرى"(٢/ ٤٨٧)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ١٥٥)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٤/ ٤٥)، و (الطبرانيّ) في "الكبير"(١٢/ ٣٤٧)، و (أبو يعلى) في "مسنده"(١٠/ ١٦٧)، و (البيهقيّ) في "شعب الإيمان"(٧/ ١٢٤)، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان فضل المدينة، وفضل سكناها.
٢ - (ومنها): بيان فضل الصبر على لأوائها، وشدّتها.
٣ - (ومنها): بيان فضل النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنه ما حصل للمدينة من الفضل إلا بسببه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
٤ - (ومنها): ما قال العلماء: وفي هذه الأحاديث المذكورة في الباب، مع ما سبق، وما بعدها، دلالات ظاهرة على فضل سكنى المدينة، والصبر على شدائدها، وضيق العيش فيها، وأن هذا الفضل باقٍ مستمرٌّ إلى يوم القيامة.
وقد اختلف العلماء في المجاورة بمكة والمدينة، فقال أبو حنيفة، وطائفة: تُكره المجاورة بمكة، وقال أحمد بن حنبل، وطائفة: لا تكره المجاورة بمكة، بل تستحبّ، وإنما كرهها من كرهها لأمور: منها: خوف الملل، وقلة الحرمة للأُنس، وخوف ملابسة الذنوب، فإن الذنب فيها، أقبح منه في غيرها، كما أن الحسنة فيها أعظم منها في غيرها.
واحتَجّ من استحبها بما يحصل فيها من الطاعات التي لا تحصل بغيرها، وتضعيف الصلوات والحسنات وغير ذلك.
قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والمختار أن المجاورة بهما جميعًا مستحبة، إلا أن يغلب على ظنه الوقوع في المحذورات المذكورة وغيرها، وقد جاورتهما خلائق لا يُحصون، من سلف الأمة وخلفها، ممن يُقتدى به، وينبغي للمجاور الاحتراز من المحذورات، وأسبابها، واللَّه أعلم. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- من استحباب مجاورة الحرمين مع مراعاة آدابهما؛ رغبةً فيما يحصل من الفضل، وتَضاعف