تخرج في البدن، من غلبة بعض الأخلاط، وإن لم يكن هناك طعن، وتقع الجراحات أيضًا من طعن الإنس. انتهى.
ومما يؤيد أن الطاعون يكون من طعن الجنّ وقوعه غالبًا في أعدل الفصول، وفي أصح البلاد هواء، وأطيبها ماءً، ولأنه لو كان بسبب فساد الهواء لدام في الأرض؛ لأن الهواء يفسد تارةً، ويصح أخرى، وهذا يذهب أحيانًا ويجيء أحيانًا على غير قياس، ولا تجربة، فربما جاء سنة على سنة، وربما أبطأ سنين، وبأنه لو كان كذلك لعمّ الناس والحيوان، والموجود بالمشاهدة أنه يصيب الكثير، ولا يصيب من هم بجانبهم، مما هو في مثل مزاجهم، ولو كان كذلك لعمّ جميع البدن، وهذا يختص بموضع من الجسد، ولا يتجاوزه، ولأن فساد الهواء يقتضي تغيّر الأخلاط، وكثرة الأسقام، وهذا في الغالب يقتل بلا مرض، فدل على أنه من طعن الجنّ كما ثبت في الأحاديث الواردة.
منها حديث أبي موسى -رضي اللَّه عنه- رفعه:"فناء أمتي بالطعن والطاعون"، قيل: يا رسول اللَّه هذا الطعن قد عرفناه، فما الطاعون؟ قال:"وخز أعدائكم من الجنّ، وفي كلٍّ شهادةٌ"، أخرجه أحمد، من رواية زياد بن علاقة عن رجل، عن أبي موسى.
وفي رواية له عن زياد: حدّثني رجل من قومي قال: كنا على باب عثمان ننتظر الإذن، فسمعت أبا موسى، قال زياد: فلم أرض بقوله: فسألت سيد الحيّ، فقال: صدق. وأخرجه البزار والطبراني من وجهين آخرين عن زياد، فسمّيا المبهم يزيد بن الحارث، وسمّاه أحمد في رواية أخرى أسامة بن شريك، ولا معارضة بينه وبين من سمّاه يزيد بن الحارث؛ لأنه يُحْمَل على أن أسامة هو سيد الحيّ الذي أشار إليه في الرواية الأخرى، واستثبته فيما حدثه به الأول، وهو يزيد بن الحارث، ورجاله رجال "الصحيحين" إلا المبهم، وأسامة بن شريك صحابيّ مشهور، والذي سمّاه، وهو أبو بكر النهشليّ من رجال مسلم، فالحديث صحيح بهذا الاعتبار، وقد صححه ابن خزيمة، والحاكم، وأخرجاه، وأحمد، والطبراني من وجه آخر، عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعريّ، قال: سألت عنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال:"هو وخز أعدائكم من الجنّ، وهو لكم شهادة"، ورجاله رجال الصحيح، إلا أبا بَلْج -بفتح