مكة، فالفضل ثابت للفريقين، ولا يلزم من ذلك تفضيل إحدى البقعتين، وعن الثاني بأن ذلك إنما هو في خاصّ من الناس، ومن الزمان، بدليل قوله تعالى:{وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} الآية [التوبة: ١٠١]، والمنافق خبيث بلا شكّ، وقد خرج من المدينة بعد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- معاذٌ، وأبو عبيدة، وابن مسعود، وطائفة، ثم عليّ، وطلحة، والزبير، وعمار، وآخرون، وهم من أطيب الخلق، فدلّ على أن المراد بالحديث تخصيص ناس دون ناس، ووقت دون وقت، قال ابن حزم: لو فُتِحَت بلدة من بلد فثبت بذلك الفضل للأُولى للزم أن تكون البصرة أفضل من خراسان، وسجستان، وغيرهما مما فُتح من جهة البصرة، وليس كذلك. انتهى (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال: