للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وسيأتي الكلام عليه هناك (وَإِنَّهَا تَنْفِي الْخَبَثَ، كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ") هذا الحديث مختصر عند المصنّف، وقد ساقه البخاريّ مطوّلًا، فقال: حدّثنا سليمان بن حرب، حدّثنا شعبة، عن عديّ بن ثابت، عن عبد اللَّه بن يزيد، قال: سمعت زيد بن ثابت -رضي اللَّه عنه- يقول: لما خرج النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى أُحُد رجع ناس من أصحابه، فقالت فرقة: نقتلهم، وقالت فرقة: لا نقتلهم، فنزلت: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} الآية [النساء: ٨٨]، وقال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنها تنفي الرجال، كما تنفي النارُ خَبَثَ الحديد". انتهى.

قال في "الفتح": قوله: "رجع ناس من أصحابه" هم عبد اللَّه بن أُبَيّ ومن تبعه (١)، والغرض منه هنا بيان ابتداء قوله: "تنفي الرجال"، وأنه كان في أُحُد.

وقوله: "الرجال" كذا للأكثر، وللكشميهنيّ: "الدجال" بالدال، وتشديد الجيم، وهو تصحيف، ووقع في غزوة أُحُد: "تنفي الذنوب"، وفي "تفسير النساء": "تنفي الخبث"، وأخرجه في هذه المواضع كلها من طريق شعبة، وقد أخرجه مسلم، والترمذيّ، والنسائيّ، من طريق غُندر، عن شعبة باللفظ الذي أخرجه في "التفسير"، من طريق غندر، وغندر أثبت الناس في شعبة، وروايته توافق رواية حديث جابر الذي قبله، حيث قال فيه: "تنفي خبثها"، وكذا أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة، بلفظ: "تخرج الخبث وفي رواية: "تنفي الناس والرواية التي هنا بلفظ: "تنفي الرجال" لا تنافي الرواية بلفظ: "الخبث"، بل هي مفسرة للرواية المشهورة، بخلاف: "تنفي الذنوب"، ويَحْتَمِل أن يكون فيه حذفٌ، تقديره أهل الذنوب، فيلتئم مع باقي الروايات. انتهى (٢)،


(١) هو عبد اللَّه بن أبيّ وأصحابه، وقد ورد ذلك صريحًا في رواية موسى بن عقبة في "المغازي"، وأن عبد اللَّه بن أبيّ كان وافق رأيه رأي النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على الإقامة بالمدينة، فلما أشار غيره بالخروج، وأجابهم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فخرج، قال عبد اللَّه بن أبيّ لأصحابه: أطاعهم وعصاني، علام نقتل أنفسنا؟ فرجع بثلث الناس، قال ابن إسحاق في روايته: فاتّبعهم عبد اللَّه بن عمرو بن حرام، وهو والد جابر، وكان خزرجيًا، كعبد اللَّه بن أبيّ، فناشدهم أن يرجعوا، فأبوا، فقال: أبعدكم اللَّه. انتهى. "الفتح" ٩/ ١٢٦.
(٢) "الفتح" ٥/ ٢٠١ - ٢٠٢.