للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ) -رضي اللَّه عنهما-، وفي رواية ابن حبّان من طريق شعبة: "قال: سمعت جابر بن سمرة يقول"، فصرّح سماك بالسماع (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى الْمَدِينَةَ طَابَةَ") أي: إن اللَّه تعالى سمّاها في اللوح المحفوظ، أو في التوراة، أو أمر نبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يسميها بها رَدًّا على المنافقين في تسميتها بيثرب، و"طابة" بتخفيف الموحدة، كشامة تأنيث طاب، وأصلها طيبة، قُلبت الياء ألفًا؛ لتحرِّكها وانفتاح ما قبلها.

وقال القرطبي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: طيبة، وطابة من الطيب، وذلك أنها طيّبة التربة، والرائحة، وهي تربة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتُطيّب من سكنها، ويستطيبون بها. انتهى (١).

وقال ابن الأثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: طيبة وطابة من الطيب؛ لأن المدينة كان اسمها يَثْرِب، والثَّرْبُ: الفساد، فنَهَى أن تُسمّى به، وسمّاها طيبة، وطابة، وهما تأنيث طَيْب، "وطَاب" بمعنى الطيّب، وقيل: هو من الطَّيِّب، بمعنى الطاهر؛ لخلوصها من الشرك، وتطهيرها منه. انتهى (٢).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه استحباب تسميتها طابة، وليس فيه أنها لا تُسَمَّى بغيره، فقد سمّاها اللَّه تعالى المدينة في مواضع من القرآن، وسمّاها النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- طيبة في الحديث الذي قبل هذا، من هذا الباب. انتهى (٣).

ورَوَى البخاريّ من حديث أبي حميد الساعديّ -رضي اللَّه عنه- قال: أقبلنا مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من تبوك، حتى أشرفنا على المدينة، فقال: "هذه طابة".

وروى أبو داود الطيالسيّ في "مسنده" عن شعبة، عن سماك: "كانوا يسفون المدينة يَثْرِب، فسمّاها النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- طابة"، وأخرجه أبو عوانة.

والطاب، والطيب لغتان بمعنى، واشتقاقهما من الشيء الطيّب، وقيل: لطهارة تربتها، وقيل: لطيبها لساكنها، وقيل: من طيب العيش بها، وقال بعض أهل العلم: وفي طيب ترابها وهوائها دليل شاهد على صحة هذه التسمية؛ لأن من أقام بها يجد من تربتها، وحيطانها رائحة طيبة، لا تكاد توجد في غيرها. انتهى.


(١) "المفهم" ٣/ ٤٩٨.
(٢) "النهاية" ٣/ ١٤٩.
(٣) "شرح النوويّ" ٩/ ١٥٦.