للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من أعلام نبوّته -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنه غَيْبٌ كان بعده، قد أخبر به، وهو لا يعلم من الغيب إلا ما أظهره اللَّه عليه، وأَوْحَى به إليه، فقد افتُتِحَت بعده الشام، والعراق، واليمن بعضها، وقد خرج الناس من المدينة إلى الشام، وإلى اليمن، وإلى العراق، وكان ما قاله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكذلك لو صبروا بالمدينة لكان خيرًا لهم، قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يصبر أحد على لأوائها، وشدّتها إلا كنت له شهيدًا، أو شفيعًا يوم القيامة". انتهى (١).

٣ - (ومنها): أن فيه بيان فضل المدينة على اليمن، وعلى الشام، وعلى العراق، وهو أمرٌ مُجمع عليه، لا خلاف بين العلماء فيه، وقد صحّت الأخبار عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بفضل المدينة، وأجمع علماء الأمة على أن لها فضلًا معروفًا لأن مسجد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وقبره فيها، وإنما اختلفوا في الأفضل منها ومن مكة لا غير، وقد تقدّم أن الجمهور على تفضيل مكة على المدينة، وهو الصحيح، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.

٤ - (ومنها): أن فيه دليلًا على أن بعض البقاع أفضل من بعض، ولا يوصل إلى شيء من ذلك إلا بتوقيف من جهة الخبر، وأما القياس والنظر فلا مدخل له في شيء من ذلك، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[٣٣٦٦] (. . .) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "يُفْتَحُ الْيَمَنُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبُسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ، لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، ثُمَّ يُفْتَحُ الشَّامُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبُسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ، لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، ثُمَّ يُفْتَحُ الْعِرَاقُ، فَيَأْتِي قَوْم يَبُسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ، لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ").


(١) "التمهيد" ٢٢/ ٢٢٤.